Datasets:

Mohamed-DLM

/

eld7e7_Y2rFelckA48_mp3_updated

like 0

يا بوي! دا أني تعبت جوي! !Bonjour أفندم؟! Pardon، سلامُ عليكم! أنا "نابليون بونابغت"، الإمبراطور. وأني "رجب عبد الحفيظ" الفلّاح. اؤمر. احنا جينا "مصر"، عشان ننشر الثقافة. ممكن؟ جَوي جَوي، اتفضل. استنى عندك، ما تصدّقهوش! مين؟! أنا "رجب رجب رجب رجب رجب رجب... ... رجب رجب عبد الحفيظ" الفلّاح، حفيدك من المستقبل. ودا "نابليون بونابرت"

فرنسي، عايز يخدعك. فعلًا؟! وانت جاي يعني تمنع "نابليون" وتمنع الحملة الفرنسية؟ انت مش متخيل يا جدّي أد إيه الحملة دي هتأثر علينا في المستقبل! "خالد يوسف" هيعمل مسلسل اسمه "سرّه الباتع". أنا جاي أمنع المسلسل دا. أنا راجل طيب، جاي في مصلحة، ومروّحة. فعلًا، شكله طيب وجصيّر وابن حلال. طب اسأله، إيه البتاع اللي في إيده دا. إيه البتاع اللي في إيدك دِه؟ دا Waffle Nutella! آه

إيه؟! كدّاب، دا حَجَر "رشيد"، وبيسرقوه مننا. نزّل الحَجَر دا يا خواجة، وإلا قسمًا عظمًا، هأكسره فوق نافوخك! !Non, S'il Te Plaît هأعد لحدّ Trois، ...Un ...Duex Trois! جامد يا جدّي. الناس دي ما تجيش غير بالعين الحمرا. بأجولّك إيه، مش عايز تحذِّرني من حاجة تانية؟ مَرَتي مثلًا، أطلّجها

لا، لا، تيتة تمام. متأكد؟! أنا حاسس إني مش مبسوط! لا، لا، تمام، كمّل، كمّل. أكيد؟! أني ممكن أطلّجها عادي، عشان أنقذ المستقبل وكدا. يا جدّو، انت بتتكلم في إيه؟! أنا جايلك في موضوع أهم. دي فكرة اختراع اسمه الـ"آيفون"، عايزك تسجّل براءة اختراع باسمك. عينيا، حاضر. لو رُحت سجّلتها، ينفع أطلج تيتة؟! ولّا...؟! ياه

أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا بكم في حلقة جديدة، من برنامج "الدحّيح"! عزيزي، خلّيني أأكدلك إن هذه الحلقة معتمدة على مصادر تاريخية، وليست مسروقة من مسلسل "سرّه الباتع"! ولا من فيلم "وداعًا، (بونابرت)"! عشان بس نبقى صريحين. في لوحة رسمها الفنان الفرنسي "جوستاف بورجين"، بيصور لحظة دخول "نابليون بونابرت" إلى "القاهرة"، بنشوف، يا عزيزي، صورة خيالية للمصريين وهما واقفين وبيرحبوا بيه، البعض منهم راكع وساجد، بيظهروا الاحترام والتقدير للقائد المحتل! S'il Vous Plaît

شرّدنا، جوّعنا! احتلّنا، استعمرنا! أنا مش مجرد مُستعمَرة، أنا بطاطا تحت رجليك!" وكما هو واضح، يا عزيزي، غالبًا هذه الحالة كانت تخيلية عن الفنان، أكيد ما حصلتش كدا فعلًا. إلا إن، بالرغم من دا، كتير من لوحات الفرنسيين عن الحملة الفرنسية، أصرت على تقديم هذه الصورة، وكأنها بتكمّل الحكاية اللي المؤرخين الفرنسيين رددوها عن الحملة، ومن بعدهم، أجيال من المؤرخين الأوروبيين، حكاية القائد الشابّ "نابليون بونابرت"، اللي وصل لقمة نجاحاته العسكرية، وثبّت أقدام الثورة الفرنسية و

هزم أنصار المَلَكية، وبييحي الناس الحلوة دية! القائد اللي جيوشه غزت "إيطاليا" وضمتها لـ"فرنسا". وفي ربيع سنة 1798، بيبدأ الإعداد لرحلته الجديدة في الشرق، وتحديدًا، في "مصر". "نابليون" حاطط هدف إنه يعمل هناك مستعمرة نموذجية، تعيش روح الثورة الفرنسية وتحقق أهدافها، الحرّية والمساواة والإخاء، وتكون مثال للعالم كله عن عظمة الجمهورية الفرنسية. "(أبو حميد)، أنا ملاحظ إن كل دولة عندها مبادئ، بتروح تحتل بلد، تطبّقها هناك!" يا عزيزي، هو التاريخ ماشي كدا، من يوم ما عرفناه! غير كدا، ما فيش منهج! العالم

ماشي كدا! دولة كبيرة تخش دولة صغيرة، تدّيهم مبادئ، وتاخد فلوس وبترول! بعد ما تخلّص، تقوم ساحبة المبادئ اللي كانت جاية عشان تدّيهالهم، وتروح تطبّقها في بلد تانية! "بونابرت"، مش بس جهّز جنود علشان يبقوا حملته، دا كمان كان بيكلم الشعراء والموسيقيين ييجوا معاه، دا غير الممثلين والراقصين. كان واخد Cast كامل معاه! وفعلًا، في ليلة 2 يوليو 1798، بينزل 36 ألف ظابط وعسكري فرنسي على البر في "العجمي"، ويروحوا ناحية "إسكندرية"، وينجح "نابليون" إنه يدخل المدينة. وبنشوف في لوحات انتصاره، الإسكندرانية مرميين

على الأرض جرحى، بيتوسلوا لـ"نابليون" إنه ينقذهم من القتل، وهو بيرفع إيده، وبيؤمر بالعفو عنهم. الله على الجِبنة الفرنسية وأخلاقها! العفو عند المقدرة! وبعدها، يسيب "إسكندرية" ويركب الصحراوي، ويزحف بالجيش على "القاهرة"، ويفضل مكمّل في الصحرا الغربية لحد ما يقابل المماليك على أبواب "القاهرة"، في لقاء بين الشرق والغرب، معركة الأهرام الأسطورية، واللي، كالعادة، بتجسّدها لوحة خيالية تانية، بتظهر في هذه اللوحة التكتيكات والتقنيات العسكرية الحديثة اللي بتستخدمها "فرنسا"

قُصاد شجاعة وفروسية المماليك، اللي جيّالي من العصور الوسطى. وطبعًا، مش محتاج أقولّك مين اللي كسب! المعركة بتنتهي تقريبًا في نُص ساعة، ما حصّلتش شوط أول! وبعد المعركة، بيهرب قادة المماليك، ويتحقق النصر المبين للقائد العظيم "نابليون بونابرت" وجيوش الحملة الفرنسية المستنيرة، التي سوف تأتي بالفن والموسيقى والعلوم. كل دا بـView وإطلالة من الأهرامات العظيمة! كادر سينمائي وصورة خيالية مبهرة! عزيزي خلّيني أعرّفك على كاتب التاريخ. - "مين يا (أبو حميد)؟" - المنتصر. دا لأن الـ

تاريخ، يا عزيزي، دايمًا بيكتبه المنتصر، هأورّيك بقى رواية الخسران. خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن دخول "إسكندرية" ما كانش بهذه السهولة، الفنان المصاحب للحملة "دينون فينانت"، في مذكراته بيقول، كان المدافعين عن "إسكندرية" شرسين، ما حدش هرب منهم، وقتلوا 200 جندي فرنسي، وأصابوا اتنين من القادة الجنرال "مينو" والجنرال "كليبر"، الإسكندرانية كمان أبهروا "بونابرت" نفسه، اللي كتب عنهم وقال، والموت بالنسبالهم، ما كانش غير مجرد رحلة، Trip. ما، يا عزيزي، خواجة راح "باكّوس" و"الورديان" و

"رشدي" على البحر طبيعي، لازم يزعل! أما بقى عن الزحف من "إسكندرية" لـ"القاهرة"، فدا مأساة تانية، واضح، يا عزيزي، إن "نابليون" ما كانش عارف مناخ "مصر" عامل ازاي، فاختار، شوف، إنه يمشي في الصحرا لـ"القاهرة" في شهر يوليو. يا كافر! الناس كلها بتروح تصيّف في "إسكندرية" في الصيف، تقوم انت سايبها ورايح "القاهرة"؟! في الصحرا؟! خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن "نابليون" في رحلته من "إسكندرية" لـ"القاهرة" وقف في أول Rest ليه في الرحلة في "دمنهور"، وحس كدا إنه كان ناسي حاجة! يعني، واحد مسافر وماشي في الصحرا، في يوليو، رايح "القاهرة"، ما فيش عربيات

وما فيش تكييفات، ما فيش Superjets! اكتشف، يا عزيزي، إنه كان مسقّط ياخد معاه ميّه! "(أبو حميد)، ما تهزرش في الحملة بقى!" بالفعل، يا عزيزي، الكلام دا حصل. العطش انتشر وسط جنود الجيش الفرنسي، وعرف الجنود الفرنسيين، لأول مرة في حياتهم، ظاهرة السراب. !Oh, Merci Dieu "ديسبنسر" في الصحرا! !Ah Oh, Non! سراب! سراب! ويبدأ الجنود يموتوا من العطش

جنود كانوا بيتهيألهم إن هما بيلاقوا ميّه قُدّامهم، يجروا عليها، ما يلاقوش حاجة، فيشوفوا سراب تاني، فيتهيألهم إن فيه ميّه تانية، فيجروا وراها، فما يلاقوش حاجة برضه! ويبدأ الجنود يقعوا واحد ورا التاني من العطش، بعضهم، يا عزيزي، كان بيُقال إنه بيموّت نفسه من كتر ما هو مش قادر يستحمل شعور العطش، ولمّا أخيرًا حلّوا مشكلة الميّه، بتظهرلهم مشكلة تانية، مشكلة معروفة بالجوع. "الله! (أبو حميد)، هو كان قايلّهم الكلام على إيه؟! كان قايلّهم إن هما نازلين القهوة؟! حملة 36 ألف جندي، ما فيهاش زمزمية وسندوتشين ومكرونة وبانيه؟! دا الأم بتستعد عن كدا!" خلّيني أقولّك، يا عزيزي، الرحلة دي كانت في

قمة البؤس. أما بقى معركة الأهرامات اللي احنا شُفناها من شوية، هي بصراحة، يا عزيزي، بلُغة الإنتاج والصناعة، Chroma، لم تكُن معركة أهرامات أصلًا، هي حصلت في منطقة "بشتيل" و"إمبابة"، على بُعد 15 كيلو من الأهرامات. بس أكيد "نابليون" مش هيرجع للمواطن الفرنسي يقولّه، "أنا اتعاركت في (بشتيل)!" أو "خُضت معركة عظيمة مع (ناصر البرنس) في (إمبابة)!" اللسان الفرنسي نفسه ما يعرفش ينطق "بشتيل"، أو "ناصغ البغنس"! "بس يعني، لأجل الـSpices والحبكة والـPR، والإعلام الحكومي الفرنسي، عشان نوصل للمواطنين العاديين، و(فرنسا 24)

تلاقي محتوى، والـAverage François يعرف اللي حصل، فهنسمّيها معركة الأهرامات وهنتخيلها عند الأهرامات، وهتترسم وراها الأهرامات في الـBackground، بحيث نعمل كادر أسطوري بيجمع بين عظمة التاريخ من ورا، والعظمة اللي بتحصل دلوقتي، صراع بين الماضي والحاضر." عزيزي المشاهد الجميل، "نابليون"، زيه زي أي محتل، مهما كانت الديباجة والصياغات، هو جاي يخدم مصالحه ومصالح بلاده، اللي هي ببساطة إزعاج "بريطانيا" والسيطرة على الطرُق لمستعمراتها في "الهند". ولأن "بريطانيا" عندها

أسطول مذهل صعب منافسته في البحر، فالاختيار الواقعي أكتر إن انت تواجهها في البر، عن طريق إن انت تحتل النقطة اللي بتوصّل بين "البحر الأبيض المتوسط" و"البحر الاحمر"، اللي هي إيه؟ "مصر". في الوقت دا، يا عزيزي، "فرنسا" و"أوروبا" بشكل عام، كانوا خرجوا مما يُسمّى "العصور المظلمة"، الحمد لله، قدّموا على عدّاد، ودخلوا عصر التنوير والنهضة، من أول القرن الـ15. وحصلت هناك الثورة الزراعية التانية في القرن الـ17، والثورة الصناعية الأولى في النُص التاني من القرن الـ18. في نفس بقى هذه الفترة، "مصر" كانت ولاية عثمانية، بيحكمها

Mix من مصالح المماليك والأتراك، وبيفصلها عن "أوروبا" حاجز أكبر بكتير من البحر. الحقيقة، يا عزيزي، اللي كان بيفصل بين "مصر" و"أوروبا"، لم يكن "البحر الأبيض المتوسط" بس، ولكن قرون وقرون من التقدم التقني، فما كانش ينفع "نابليون" يروح للمصريين، "بصراحة كدا، أنا جاي أحتلكم عشان انتم، لا مؤاخذة يعني، USB، بيوصّل (بريطانيا) بـ(الهند). فأنا جاي أغلّس على (بريطانيا) عن طريقكم. ولو لقيت عندكم موارد أو أي حاجة في التلاجة، هأخدها! وأعكنن بقى على (بريطانيا) في استعمارها." مستحيل يقولّك كدا. ولكن هناك حل تاني، "أنا جاي أعلّمكم الحضارة والـ

تقدم، وجاي أخلصكم من التأخر والتخلف اللي انتم غرقانين فيه، يا عيني! أنا جاي الطريق دا كله، عشان خاطركم انتم، مش عشان خاطري!" عشان كدا، لمّا بتدخل الحملة الفرنسية "مصر" بيكون معاها سلاح تاني شديد الأهمية، المطبعة، المطبعة هي السلاح اللي بيواجه العقول والقلوب. "نابليون" اهتم بشدة بالطباعة، لدرجة إنه أصر إن المطبعة تتنقل لـ"مصر"، عن طريق سفينة اسمها "لوريان"، دي كانت سفينة القيادة اللي هو بنفسه مسافر عليها، وأشرف بنفسه على طباعة

أول بيان اتوزّع بين المصريين، اللي اتكتب باللغة العربية وبدأ بـ"بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله، لا ولد له" الله يا حاج! "نابليون" كان عايز يأكد إنه مش محتل، ولكنه مُخلِّص! اللي هي أي حد من المحتل بيقولها على نفسه، عشان ما يقولش إن هو محتل. "نابليون" كان عايز يقول إنه بيحترم الإسلام والقرآن، وبيحب المسلمين جدًا، ويطلب طلب خاص من مشايخ البلد ويقولّهم، "قولوا للأمة إن الفرنساويين مخلصين ومسلمين، وإثباتًا لذلك، هما لمّا نزلوا (روما)، خربوا كرسي البابا، اللي كان بيحض على محاربة الإسلام." في إشارة ليه لحملته على

"إيطاليا". "أمّال رُحت (إيطاليا) ليه؟! أستعمرها يعني؟! لا!" منشورات "نابليون" كانت في أوقات كتير كانت بتستشهد بالقرآن، وتستخدم أسلوبه، دا غير طبعًا إن "نابليون" كان مهتم جدًا بالمظاهر الدينية، بيحضر الاحتفالات الدينية بتاعة المصريين، ويخلّي المنشدين يمشوا في الموكب بتاعه ويمدحوا النبي. تخيل، يا عزيزي، "نابليون" نازل صلاة العيد، بالجلابية البيضا وعمّال يوزّع على العيال الصغيرة فرنكات! ولمّا مثلًا، يلاقي الشيخ "البَكري" شيخ الطرُق الصوفية، ما عملش سنة دخول الحملة احتفال بالمولد النبوي، لأن الشيخ كان شايف الأجواء مش مناسبة، هنا، "بونابرت" بيتضايق منه جدًا، ويطلب منه يعمل المولد عشان

يحضره بنفسه، "هأنهزر في الطقوس؟! في إيه يعني؟! يا جدع، أمّال أنا كنت في (إيطاليا) ليه؟!" وكمان، منشورات المطبعة بتيجي ببشارة للشعب المصري، "نابليون" بيفرحهم، "ابسطوا يا شعب، هتحكموا نفسكم بنفسكم." بيقولّهم إن عملّهم الدواوين اللي هي زي المجالس المحلية، هيبقى موجود فيها الكبار والأعيان والعلماء، عشان ياخد رأيهم في مصالح الشعب، ويكونوا وصلة بينه وبين المصريين، ديوان في "القاهرة" ودواوين في الأقاليم، وفوقيهم ديوان عمومي لشعب "مصر" كله، يكون زي مجلس شورى البلاد، وديوان خصوصي، عبارة عن مجلس مُصغّر من صفوة أهل

البلد، عشان يكون زي مجلس وزرا، وقال إنه عمل كدا عشان يعوّد المصريين على نظام المجالس الشورية في الحُكم. !Democracy وقبل انعقاد الديوان بيوم واحد، بيقول "نابليون" في كلمة ليه، سامعة يا "بريطانيا"؟ شايفة الاحتلال المستنير؟ وهكذا، وفي جو من التفاؤل، بتنعقد أول جلسة للديوان العمومي، وبتشتغل المطبعة

(نابليون) دا كان طيب أوي! كانوا ظالمينه أوي في المسلسل يا (أبو حميد)! ليه أستاذ (أيمن الشيوي) كان بيتكلم كدا؟ هه؟! ليه بيسخر منه؟!" عزيزي، خلّيني أجيب تفاحة وآجيلك! خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن الصورة ما كانتش بالجمال دا، الديوان دا ما كانش بينعقد إلا بحضور الجنرال "بارتلييه" رئيس الأركان، والجنرال "ديبوي" قومندان "القاهرة". "ليه يا (أبو حميد)؟ عشان يباركوا المجلس؟!" لا، يا عزيزي، عشان يراقبوا المجلس، يقطعوا الطريق على أعضاء الديوان، لو حاولوا يناقشوا أي حاجة مش على مزاج الفرنسيين، غير إن كان فيه جنرال بعد كل جلسة بيكتب

تقريره، مش بس على الكلام اللي اتناقش، دا كمان بيحط ملاحظاته على قيادات الديوان وسلوكهم، ومين منهم ممكن يبقى شخص خطير. خلّيني أقولّك مثلًا إن أول موضوع اتناقش في الديوان، كان طلب من "نابليون" بفرض ضريبة على الأملاك، وتسجيل العقارات القديمة بمستندات جديدة، مع إضافة رسوم 2% على التسجيل، دا غير طبعًا فرض الضرايب على أصحاب الحِرَف، ورسوم تقاضي 2% ورسوم دمغة على ورق الجواز والطلاق، وتراخيص للتجار، غير الـMinmum Charge و12% خدمة! دا، يا عزيزي، كان أول موضوع في الديوان، بسم الله الرحمن الرحيم، ضريبة. للأمانة، يا عزيزي، أعضاء الديوان ما سكتولهوش، "جرى إيه يا (بونابرت)

دا احنا لسة بنتعرف! داخل علينا بضرايب ورسوم ودمغة؟ احنا كديوان ممثل للشعب المصري بنقولّك، الكلام دا ما ينفعش! ورق مطبعتك يشهد!" لكن الحقيقة، يا عززي، إن "نابليون" كان عنده وقتها أزمة مالية، الإنجليز دمروله أسطوله في معركة "أبو قير" البحرية، بعد أقل من شهر من دخوله "القاهرة"، مش عارف هيرجع ازاي! فكان عايز أي قرشين يروّح بيهم، "أنا غريب، مش من هنا!" "نابليون" صمم إن تعليماته تتنفذ، ومن جديد بتظهر المطبعة، وتتعلق في الشوارع أوامر الرسوم والضرايب. وهنا، يا عزيزي، بتظهر المطبعة ولكن بوجهها الآخر الشرير. مش بس، يا عزيزي، الضرايب

اللي اتقررت غصب عن الناس، والموضوع ما وقفش بس عند الضرايب، حاجات كتير بدأت تحصل من غير ما الناس تفهمها، يعني مثلًا، "نابليون" احتاج يوسّع الطرُق عشان قواته تعرف تمشي فيها، فبدأ يهد البيوت والمساجد ويشيل مصاطب من السكك، والناس مش فاهمة دا بيحصل ليه. قرر كمان يعمل كشف دوري على البيوت، عشان يتأكد من سلامتها الصحية. يبقى المواطن من دُول قاعد في بيته آمن، يلاقي دكتور جاي يفتشه ويكشف عليه عافية، "افتح بُقّك! افتح بُقّك، ما تتنحش!" كمان الناس اتفاجئت إن "نابليون" كان بيمنعهم من الدفن من المقابر اللي كانوا بيدفنوا أهلهم فيها، لأن دا مخالف للمعايير الصحية

هنا، المصريين بدأوا يغضبوا، وكل يوم الغضب بيزيد، لحد ما بينفجر يوم 20 أكتوبر، بعد 3 شهور بس من دخول "نابليون" "مصر"، لمّا بيتظاهر أهل "القاهرة" وعلى راسهم طلبة وشيوخ "الأزهر"، وتحديدًا، طائفة العميان والمكفوفين بقيادة الشيخ "الجوسقي"، يروحوا لبيت القاضي ويهتفوا، وعايزينه يروح معاهم لبيت "نابليون" في "الأزبكية"، يلغي كل إجراءاته الجديدة. هنا، لمّا القاضي بيشوفهم، بيخاف وبيقفل باب بيته، فيرموه بالحجارة، ويروحوا بمظاهرتهم ناحية "الأزهر"، بيلاقوا، يا عزيزي، الجنرال "ديبوي" ومعاه عساكره، "يا نهار أبيض قومندان الـ

قاهرة بيقابل الثوار. الثوار، يا عزيزي، بيهجموا عليه وبيشتبكوا معاه، معركة نبابيت قُصاد بنادق. المفاجأة، يا عزيزي، إن الثوار بينتصروا، دا مش بس كدا، دا بيقتلوا الجنرال "ديبوي". ولمّا بينتشر الخبر في المدينة كلها، بيخرج الناس من كل شارع وكل حارة، معاهم سكاكين ونبابيت، بيعملوا متاريس وبيهاجموا الفرنسيين. وفورًا، "نابليون" بينصب مدافعه على القلعة، وعلى التلال اللي كانت موجودة حوالين "القاهرة"، ويبدأ يقصف المدينة، هدفه الرئيسي الجامع "الأزهر"، دا مركز تجمُّع الثوار. وقت الجد

بقى لا اجتماعات وطقوس ومناسبات ومولد النبي و"إيطاليا"! المحتل بيظهر بوشه الحقيقي! وبالليل، بيبدأ الهجوم البرّي، الفرنسيين بيدخلوا "القاهرة" من أبوابها، يهاجموا الناس في الشوارع ويشيلوا المتاريس، هدفهم الوصول للقيادة للجامع "الأزهر". ولمّا بيوصلوا الجامع بيدخلوه وهما راكبين خيولهم، ولابسين الجزم بتاعتهم، ويبدأوا يحطموا في المسجد، يقطعوا الكُتُب والمصاحف ويرموها على الارض! الأخطر كمان، على ما حسب ما بيقول المؤرخ المصري "عبد الرحمن الجبرتي"، إنهم قضوا حاجتهم في جنبات المسجد! وأي شخص كانوا بيصادفوه جوا المسجد من

المشايخ أو الطلاب، بيجردوه من هدموه، ويطلّعوه برة "الأزهر" من غيرها! وهنا، تختفي كل شعارات احترام الإسلام ومقدسات المسلمين، اللي كانت بتتكلم عنها منشورات المطبعة. ولمّا نقرا التاريخ أكتر، بنعرف إن الفرنسيين بداخلهم كانوا بيسخروا من الحركات اللي بيعملوها مع المصريين دي، يعني مثلًا، في خطاب من الجنرال "ديبوي" لأحد أصدقائه، قالّه، راجل بايخ! أو زي ما بيقول، يا عزيزي، المؤرخ الفرنسي، للمفارقة يعني، "ستندال"، هو اسمه كدا! إن اللي حصل دا كان نفاق

سياسي، ولكنه يعني نفاق سياسي مشروع. "(أبو حميد)، أنا حاسس إن انت بتقول التاريخ من سردية تخدم اللي انت بتقوله." مهو دا نفاق سياسي مشروع! "بس أنا يا (أبو حميد) حاسس إن انت ظالم (نابليون)." عمك "نابليون"، يا عزيزي، كان بيقول في مذكراته، إن منشوراته الأولانية للمصريين دي كانت... "بأنصب على المصريين، آه، ولكنه نصب High Quality!" مش بس، يا عزيزي، الفرنسيين اللي سخروا من الشعارات دي، بعض المصريين نفسهم كانوا فاهمين إن دا كلام فاضي، وكان باين في تصرفات بعض الجنود الفرنسيين، إن كلامهم عن احترام العقيدة دا نصب في نصب، ومش High Quality على فكرة! الأهالي في "إسكندرية" كانوا كل شوية يشتبكوا مع الـ

جنود الفرنسيين، عشان عساكر الحملة بيقضوا حاجتهم على جدران المساجد! وفي المقابر! بعيدًا عن احترام العقيدة، دا شيء مخيف. وبنلاقي دايمًا حالة غُربة بين المصريين والمستعمر، مثلًا، العالم الفرنسي "بيير بيرني"، كتب وبيقول عن وجوده في "مصر" في وقت الحملة، موضوع الكلاب دا كان غريب جدًا، "الجبرتي" كان بيقول إن الكلاب كانت بتهوهو

بسبب لبسهم الغريب. ودا، يا عزيزي، بيشرحلك عقلية "نابليون بونابرت"، اللي بالفعل بينجح إنه يقضي على الثورة في 3 أيام بس، ويؤمر بإعدام 6 من مشايخ "الأزهر"، ويؤمر إن جثث الشُهَدا تترمي في "النيل"، عشان الجثث دي تمر على مدن "الدلتا" كلها، أو زي ما قال في منشوره، في عبارة قاسية بتتنافى مع كل الكلام الجميل اللي كان بيقوله، والحمُصيّة اللي كان بيضربها في المولد! صحيح، يا عزيزي، إن الفرنسيين عرّفوا المصريين المطبعة لأول مرة، ولكن

المصريين عرفوها كآلة للدعاية السياسية، سلاح بينشر التهديد والخوف والـ"بروباجندا"، وتأثيره يمكن يبقى أكبر من البندقية، مش آلة، زي ما "نابليون" بيقول، هدفها إنها تنشر العلم والمعرفة. كمان، خُد بالك الحملة لمّا بتفشل، الفرنسيين بياخدوا المطبعة معاهم وهما منسحبين، ويمشوا من غير ما يعلّموا أي مصري ازاي ممكن نعمل مطبعة أو حتى نشغّل مطبعة. دا، يا عزيزي، بالظبط، زي العريس اللي لمّا يترفض، بياخد الشوكولاتة معاه وهو ماشي، أو يحطّولهم لمون في الـ"فيريرو روشيه"! خلّيني، يا عزيزي، أقولّك إن المطبعة كانت جزء

مهم من كيان أشد ضخامة، "نابليون" أسسه في "القاهرة"، وتحديدًا، في "السيدة زينب"، هذا الكيان هو "المَجْمَع العلمي"، "المَجْمَع العلمي"، "نابليون" أصدر قرار بتأسيسه بعد دخوله "القاهرة" بفترة قليلة، وخلّاه مقر لـ175 عالم، في الرياضيات والفَلَك والمناجم وفي الهندسة والطب، ودا لأن "نابليون" كان عارف كويس، إن آه، الحملات العسكرية ممكن ننتصر بالسلاح، ولكن تأسيس مستعمرة جديدة محتاجة علم وعلماء، وفي بيان تأسيس المَجْمَع، بيقول "بونابرت" إن هدفه من الخطوة دي اشاعه نور العلم و المعارف ف مصر و اكتشاف اسرار مصر

للعالم الاوربي يا لهوي عليه وعلى حنّيته! مش بس كدا، "نابليون" كمان قال إن هدفه نقل فنون "أوروبا" إلى شعب نصف متخلف ونصف متحضر. بدأ يلبّخ! الحقيقة، "المَجْمَع العلمي" كان محل إعجاب بين كبار المصريين، من الأعيان والعلماء، اللي كان بيتسمحلهم بسهولة إن هما يدخلوا هناك، ويتفرجوا على أدواته، ويمكن في كتابة "الجبرتي" عن "المَجْمَع العلمي"، هنلاقي استفاضة في شرح الأجهزة اللي هناك، وكمان طريقة تشغيلها. وبيختم كلامه بحاجة تبيّن شعوره بالانبهار، لمّا بيقول انها امور لايسع لعقل امثالنا فهمها

"نابليون" كان عنده أفكار مهمة طرحها على العلماء في المَجْمَع زي بناء المستشفيات وكُلِّية لتعليم الطب الحديث، وغيرها وغيرها من المشروعات، ويمكن دا أكتر حاجة خلّت كتير من المؤرخين معتقدين إن الحملة الفرنسية هي أول لحظة لدخول العلم الحديث لـ"مصر"، لبداية التغيير الكبير اللي حصل في تاريخها، ولكن، هل هذا فعلًا ما حدث؟ أو ما يحاولون قول إنه حدث، بس هو Actually ما حدثش ولا حاجة؟! لمّا نمشي ورا قصة علماء الحملة الفرنسية، بنلاقي إن كل العَظَمة دي وراها حكايات كتير مظلمة

زي إن علماء الحملة الفرنسية عانوا من الاحتقار والازدراء، مش من المصريين، ولكن من الجنود الفرنسيين، اللي ما كانوش فاهمين، "الناس دي جاية تعمل معانا إيه؟!" ونلاقي العلماء في كُتُبهم بيشتكوا إن الجنود بيقللوا منهم، وإنهم كانوا مجرد وردة حلوة في عروة "جاكتة" الجنرال، ووقت الجد، أوامر الجنود هي الأهم. واحد من العلماء دُول وهو "جوفارا سان هيلار"، بيقول في مذكراته، إن العلماء الحملة البائسين راحوا "مصر" لمجرد إن "نابليون" كان طمعان في بعض الجُمل المديح اللي تتضاف لتاريخه. كل دا كان ممكن يعدّي، العلماء يستحملوا عشان الـ

Ego بتاع الراجل، "وأهو منها رحلة استكشافية وبنشوف أراضي جديدة!" ولكن اللي كان صعب على العلماء الفرنسيين إن هما يتعايشوا معاه، إنهم دايمًا كان بيصدّروهم للمصريين. يعني مثلًا، المهندسين الفرنسيين كان بيتم استخدامهم في مشاريع توسيع الطرُق، فالمصريين يشوفوا قُدّامهم مهندس فرنسي بيهد المساجد والبيوت، مش "بونابرت" اللي قايلّه، والإحصائيين بتوع الرياضيات والإحصا، بيشوفهم الشعب وهما بيسجلوا البيوت والدكاكين، عشان يتفرض على المصريين ضرايب ورسوم، هنا برضه، شافوا العلماء، مش اللي باعتهم. والأطباء اللي كانوا بيدخلوا البيوت عشان يفتشوا على

المعايير الصحية، يكشفوا على الناس بالعافية ويفرضوا غرامات على اللي مش ملتزم، الدكتور دا يعني غاوي ينزل يقتحم البيوت؟! لأ، هو جاتله أوامر. عشان كدا، ي عزيزي، لمّا قامت ثورة "القاهرة" الأولى، العلماء دُول كانوا أول أهداف الثورة، وساعتها، اضطر عدد كبير منهم إنه يمسك بندقية لأول مرة في حياته، عشان يدافع بيها عن نفسه. الجنرال "كافاريللي" المشرف على "المَجْمَع العلمي"، الثوار اقتحموا بيته ودمروا الآلات اللي فيه. "هما دمروا الآلات ليه يا (أبو حميد)؟" عزيزي، وقتها ما كانوش المصريين يعرفوا إن دي اسمها آلات أصلًا، ودا لأن الفرنسيين ما اهتموش إطلاقًا إن هما يعلّموا المصريين أي حاجة

العامة ما كانوش يعرفوا حاجة عن استخدام وفوايد الآلات دي، صحيح الفرنسيين عرضوها على الكبار والأعيان، ولكن دا كان من باب التفاخر، مش من باب الإفادة، وجاهل الشيء، يا عزيزي، طبيعي إنه يعاديه. بُص مثلًا، أواخر أيام الحملة في "مصر"، لمّا بتقرر الحملة إنها تعمل مصنع نسيج، اللجنة المشرفة على المصنع قررت إن المصريين ما يبقاش ليهم أي دعوة بيه، لا يشتغلوا فيه ولا يخشوا الوِرَش، وناقص حتى ما يلبسوش منه! لمّا جت الحملة تسيب "مصر"، المصنع دا اتدمر بالكامل، عشان أسرار الصناعة الفرنسية ما تتنقلش لحد

تاني. كمان، يا عزيزي، ما تنساش حاجز اللغة، لا المصريين اتعلموا فرنساوي، ولا الفرنسيين اتعلموا عربي. وبصراحة برضه، يا عزيزي، هما قعدوا 3 سنين، فما لحقوش يعني! وخلّيني أقولّك إن تجربة العلماء في ثورة "القاهرة" الأولى، خلّتهم طول الوقت خايفين يرتبطوا بالمصريين. حاجة تانية مهمة، يا عزيزي. صحيح العلماء الفرنسيين عاشوا حالة من البحث والتنقيب الدائم راحوا معابد "الأقصر" و"أسوان" واستكشفوها، نقلوا الكتابات على جدرانها على أمل إن يقدروا يفكوا رموزها، ونقّبوا في الصحاري وجمعوا معادن، ولكن كتير من اللي جمعوه دا، ضاع في نهاية الحملة، إما على إيد الإنجليز

اللي خدوا منهم آثار زي حَجَر "رشيد" والحوض المرصود، أو تم تدمير دا على إيد جنود الحملة نفسهم. بعض الجنود، يا عزيزي، كان فاكر إن العلماء دُول كان معاهم كنوز، "مهو بينقّبوا في الصحرا وبيمدوا إيديهم ويخبوا الحاجات باهتمام، أكيد طلعوا بمصلحة كويسة!" وهنا، سرقوا الصناديق، عشان بعد كدا يكتشفوا إن ما فيهاش غير شوية عينات حجارة بيتعمل عليها دراسات للمعادن، عشان العالِم من دُول ينشرلي ورقة هنا ولّا هنا! فراحوا الجنود مدمرينها. "فين الكنوز؟!" دا غير المخطوطات اللي دمرها الجنرال "مينو" القائد التالت

في الحملة الفرنسية، خوفًا من إنها تبقى آثار عسكرية تقع في إيد الجيش الإنجليزي. "يا عيني يا (أبو حميد) على العالِم الفرنسي! يعني سرقوا حاجاته، وكانوا بيصدّروه في وش المدفع قُدّام المصريين، والكلاب كانت بتجري وراه! أنا صعبان عليا أوي العالِم الفرنسي!" عزيزي، ما تجرب يصعب عليك المواطن المصري من "مصر"! جرب! خلّيني أقولّك إن في نهاية أغلب جهود العلماء الفرنسيين راحت، ما فضلش منهم غير حاجتين مهمين، الحاجة الأولى، اكتشاف حَجَر "رشيد"، والحاجة التانية، كتاب "وصف (مصر)"، اللي ما ظهرش بشكل كامل غير بعد نهاية الحملة بـ28 سنة، وطبعًا باللغة الفرنسية

اللي كان وقتها، ولحد النهاردة، مصريين قليلين اللي يعرفوها. في فبراير 1799، بيقرر "نابليون" إنه يكمّل حملته ويروح "الشام"، ومن جديد، هي نفس الـFormula، يبعت منشور احترام الإسلام، والبابا، ويفكرهم برحلته لـ"إيطاليا"، ويقول، "أنا أصلًا مسلم"، ويلبس بقى Outfit طاقم "باب الحارة"، و"يا عيب الشوم! كان عندي بعض المبادئ الشامية، اللي حبّيت أنشرها بيناتكم! إخاء، حرّية، إنسانية!" في البداية، يا عزيزي، "نابليون" بيحقق نجاحات سريعة، Marketing

Campaign فبيستولى على "غزّة" و"الرملة" و"اللد"، ولكن لمّا بيوصل "يافا"، وبيحاول أهلها إنهم يقاوموه، بيظهر برضه الوش التاني بتاع "نابليون بونابرت"، قائد الإنسانية ومُحتَرِم الإسلام، بيؤمر بقتل 3000 أسير استسلموا من أهل "يافا"، بعد ما كان ادّاهم وعد بالأمان. ولمّا حس، يا عزيزي، إن قتلهم هيبقى مُكلِّف وهيحتاج رصاص كتير شوية، حوار 3000 رصاصة دا محتاج Budget! وصداع، صوت عالي! فيؤمر جنوده إن هما يوفروا الذخيرة، ويطعنوهم بسونكي البندقية، "هنقعد نضيّع الرصاصات بتاعتنا؟! هه؟!" خلّيني أقولّك

يا عزيزي، إن سبب القتل أصلًا، على حسب بعض المصادر يعني، إن لم يكن هناك أكل وشرب يكفّي الناس دي، قتلهم، يا عزيزي، بُخل، مش شر! ولمّا بتوصل أخبار الإعدامات دي لوالي "عكة"، "أحمد باشا الجزّار"، بيقرر مع أهل "عكة" الصمود لحد آخر نَفَس، "مش هنستسلم، عشان ما يحصلش فينا كدا." ولمّا بيبدأ "نابليون" حصاره لـ"عكا"، القَدَر بيهدي أهلها هدية جميلة، مرض الطاعون بيبدأ ينتشر وسط جنود "نابليون"، يموت منهم كل يوم عشرات. وبعد شهرين من الحصار والمرض، بيعمل "نابليون" واحدة من أسوأ أفعاله الـ

أخلاقية، اللي بتبيّن مدى انتهازيته، فيؤمر بإعطاء مرضى الطاعون اللي في الجيش بتاعه، جرعات من الأفيون، "طب ما حلو يا (أبو حميد)، كان بيروّق عليهم!" عزيزي، كان بيدّيهم أفيون Overdose عشان يموتوا على طول، الموضوع كان خالي من المزاج. "نابليون"، يا عزيزي، كان عايزهم يموتوا Overdose، عشان ينهي مصدر العدوى. في نفس الوقت، بتوصل لـ"مصر" أخبار عن صمود "عكا"، وفشل "نابليون" مرة ورا التانية في اقتحامها. خُد بالك، يا عزيزي، دايمًا "عكا" في التاريخ دخولها صعب. فاكر "صلاح الدين" ووالي "عكا" والقصة دي؟ حاجتين، يا عزيزي، ما تحاولش تخشهم، "عكا" و"روسيا"، عشان كدا، يا عزيزي، فيه مَثَل شعبي

يقولّك، "يعني انت فتحت (عكا)؟!" موضوع صعب. هنا، المصريين بيبدأوا ثورات جديدة، ولكن المرادي، مش في "القاهرة"، في الريف وفي "الدلتا"، كل يوم منطقة جديدة بتثور، من "الشرقية" لـ"إسكندرية" لـ"دمنهور"، حتى في جزيرة "فِيَلة" في "أسوان"، بتندلع الثورات، وبيحاول يخمدها الفرنسيين، بمنتهى الوحشية والقسوة وبدون أي شيء من الرحمة! الجنرال "لانوس" اللي قاد الفرنسيين في مواجهة ثورة "دمنهور"، كتب في تقريره بعد إخماد الثورة، دا انت كدا مش "لانوس"، دا انت "سانوس"! في الوقت نفسه

، بتبدأ توصل أخبار مقلقة لـ"مستر (نابليون)"، العثمانيين بيجهّزوا جيش رايح لـ"أبو قير" في "مصر"، عشان يستعيدوها تاني، ساعتها، "نابليون" بيقعد مع نفسه كدا مع الـTherapist بتاعه، ويدرك إنه غالبًا مش هيعرف يفتح "عكا"، وكمان، ممكن يخسر "مصر"، فيقرر ينسحب ويرجع "القاهرة". ومن جديد، بتشتغل مطبعة "القاهرة"، وتطبع بيان بيقول إن "نابليون" انتصر. "إيه؟! يا ابن الكدّابة!" المطبعة تطبع بيان بيتقال فيه إن "نابليون" انتصر انتصار عظيم في "عكا"، وإنه سوّاها بالأرض وخلّى أهلها يهربوا. يا ابن الكدابة! أنا بتاعة كُتُب، أبحاث، ورق علمي، التحوير اللي الراجل

دا بيقوله، أنا ما ليش فيه! ولكن المرادي، المصريين ما صدّقوش منشوراته، "نابليون" نفسه ما كانش عارف يصدّق منشوراته، لأنه كان عارف الحقيقة، إنه انهزم، هزيمة قد يكون معناها نهاية حملته في الشرق، أو زي ما قال في مذكراته بتعبيره، بعد وصول "نابليون" بأيام، بيوصل الجيش العثماني لـ"أبو قير"، وبينجح إنه ينزّل جنوده هناك، ويقابل الفرنسيين في معركة "أبو قير" البرّية، اللي بينتصر فيها "نابليون" انتصار مبهر، ولكنه ما يلحقش ياخد نَفَسه من الأخبار الوحشة اللي بتجيله، بتوصلّه أخبار من "فرنسا"، إن الجيوش

الفرنسية بتواجه مشاكل في "إيطاليا" و"النمسا"، وإن "فرنسا" نفسها بقت مُهدَّدة. ساعتها، بيقرر "نابليون" في منتهى السرّية، إنه يسيب "مصر"، وقبل ما يمشي بيوم واحد بس، بيبعت رسالة لـ"الصدر الأعظم" في "إسطنبول"، بيطلب فيها الصُلح مع العثمانيين، ويقولّه، يسافر "نابليون" وهو بيفوّض الجنرال "كليبر" للقيادة من بعده، من غير حتى ما يكلّف نفسه إنه يقابله، ويكتفي إنه يبلّغه في رسالة إنه هيسافر هو

بقى عشان عنده مشغوليات، وإنه طلب الصُلح مع العثمانيين، "اتصرف انت بقى في الأوضاع في (مصر)، وظبّط كدا، وابقى عرّفني انت عملت إيه." وبيقولّه بشكل واضح، "عشان بس أبقى صريح معاك، لو ما جالكش أي إمدادات من (فرنسا)..." "إيه؟!" "... انبطح! سقف مفاوضاتك مع العثمانيين مفتوح. السلطان لو طلب منك إيه، اعمله، حتى لو وصلت إن احنا ننسحب من (مصر). انسحب." الحمد لله إنها جت على أد الانسحاب! ومن هنا، يا عزيزي، بيبدأ عهد "كليبر"، طبعًا الطلبة عارفين هيحصل فيه إيه. بيبدأ عهد "كليبر"

في سبتمبر 1799، بسم الله، ما شاء الله، بجيش محطم وأزمة مالية وقائد هربان، ومفاوضات مع العثمانيين للانسحاب من "مصر"، بتوصل في النهاية لتوقيع معاهدة "العريش" سنة 1800، بين الفرنسيين والعثمانيين، والاتفاق على انسحاب "فرنسا" من "مصر"، و"اشبعوا بيها!" ويبدأ بالفعل الجنود العثمانيين يتقدّموا من ناحية "الشام"، عشان يستلموا "القاهرة" من "فرنسا"، ولكن "إنجلترا" حليفة العثمانيين كان لها رأي تاني، "مش (كليبر) انبطح؟! يبقى ما تحسبوهوش انسحاب! الفرنساويين دُول يستسلموا

كأسرى حرب." هنا، الكلام ما يعجبش "كليبر"، ويقرر يقلب الترابيزة، ويواجه الجيش العثماني اللي جاي ناحية "القاهرة"، ويهزمهم في "عين شمس" ويطردهم برة "مصر". ولكن مجموعة من قوات الجيش العثماني بتنجح إنها تتسلل وتخش "القاهرة"، وتقول لأهل "القاهرة" إن الفرنسيين رجعوا في كلامهم، مش ناويين على الانسحاب وناويين يكمّلوا في دور المحتل. وهنا، يبدأ أهل "القاهرة" ثورتهم التانية، الثورة اللي بتبدأ من منطقة "بولاق"، والمرادي، على عكس الثورة الأولى، ما يكونش السلاح بتاعهم نبابيت وسكاكين، لأ، المصريين بيستولوا على المدافع ويعملوا مصنع بدائي

لصناعة القنابل، عشان يواجهوا الحملة الفرنسية. وهنا، "كليبر" يحاصر "القاهرة"، ويحرم أهلها من الأكل والشرب، ويؤمر مدافعه إنها تقصفها ليل ونهار. ورغم صمود أهل "مصر" لمدة شهر تقريبًا، لكن مقاومتهم بتنهار في النهاية، ومن تاني، بيدخل الجيش الفرنسي "القاهرة"، وبيخوض حرب شوارع مع الثوار، بتكون أقسى معاركها في "بولاق" لمّا رجالتها بيتحصّنوا في مسجد "أبو العلا" المشهور، ويحاولوا يصدّوا الفرنسيين، اللي ما بيمشوش غير وكل اللي جوا الجامع أموات! وبعدها، يحرق الفرنساويين "بولاق" وأحياء تانية في "القاهرة"، وبينتقموا من أهلها أبشع انتقام

فيقبضوا على الستّات ويعذبوا الشيوخ وينهبوا البيوت! ويفضل الوضع على كدا، لحد ما يطلّع "كليبر" أوامر في إبريل سنة 1800، بوقف القتل وإنهاء التنكيل بأهل "القاهرة". ولكن، يا عزيزي، زي ما انت ممكن تبقى عارف، الزمن لا يمهل "كليبر" وقت طويل، عشان يلحق يصلّح من اللي عمله، وفي 14 يونيو سنة 1800، بيكون "كليبر" في حديقة بيته في "الأزبكية"، بيتمشى مع كبير مهندسين الحملة الفرنسية، فبيظهرلهم شحّات عايز صَدَقة، فيشاورله "كليبر"، بالعربي يقولّه، "ما فيش! ما فيش!" الشحّات يبدأ يتوسل

"نور الشريف" ويقوم ساحب إيده، لأ، دا يمدهاله عشان يبوسها، هنا، يا عزيزي، يقوم الشحّات ماسك إيده وشادّه ناحيته، ويقوم ضاربه 4 طعنات بالخنجر اللي كان مخبيه بين هدومه، الضربات اللي بتقتل "كليبر" في الحال. يحاول الشحّات إنه يهرب ويستخبى، لكن العساكر بتلاقيه وبتقبض عليه، ونعرف بعدها، إنه ما كانش شحّات ولا حاجة، ولكنه واحد من مجاورين "الأزهر"، ومن الشخصيات التاريخية الأشهر، بسبب اللي عمله، وبسبب العقاب اللي ترتب على اللي عمله، "سليمان الحلبي". في منطقة "تل العقارب" في "القاهرة"، بتنعقد

محاكمة "سليمان الحلبي"، وفي وسط الحضور، بيكون قاعد في هذه المحاكمة العلنية، مؤرخنا الشهير "الجبرتي"، اللي بيسجل تفاصيل المحاكمة ووقائعها، وما بينفيش انبهاره بأول محاكمة معمولة على النظام الحديث، أول مرة يشوف حاجة بالشكل دا في "مصر"، كان مبهور بضمانات العدالة اللي موجودة فيها، زي إن المحاكمة تكون علنية، وفيه تقرير من الطبيب الشرعي على إصابات الجنرال، وتقرير الجرّاح عن إصابات كبير المهندسين، ومناقشة القضاة للشهود، وفيه محاضر وسين وجيم ودلائل

ونواجه الشهود بالمهتم، ويحضر وكيل بالنيابة عن المتهم، وبعد الحُكم، بيتم طباعة حيثيات الحُكم بـ3 لغات، العربي والفرنسي والتركي، واللي بيتشرح فيها ليه تم الوصول لهذا الحُكم، مشهد غريب جدًا على المصريين وقتها، بيخلّي "الجبرتي" يشيد بالمحاكمة وبالفرنسيين، اللي قال عنهم إن هما... "طب يا (أبو حميد) ما الفرنسيين حلوين أهو، أمّال ليه شتمتهم في الأول؟!" الحقيقة، يا عزيزي، إن إعجاب "الجبرتي" بالمحاكمة اللي عملتها الحملة الفرنسية، بالشكل الحديث اللي هو شافه، بيعرّفنا شكل الوضع

في "مصر" وقتها، والظلم اللي كان ممكن يحصل من بعض حُكّام المماليك أو العثمانيين، ولكن الحداثة اللي عجبت "الجبرتي" دي، قد تكون قشرة خارجية لطيفة، بتخبّي وراها واقع تاني، لأن اللي حصل بعد انتهاء هذه المحاكمة العادلة، اللي كل حاجة فيها متستّفة بالورق، بتبدأ عملية تعذيب بشعة لـ"سليمان الحلبي"، على أرض الواقع، خلّوه يشوف كل الناس اللي كانت عارفة إنه رايح يقتل "كليبر"، وما بلّغوش عنه، يشوفهم وهما رؤوسهم بتتقطع، وأجسادهم بتتحرق قُدّامه! وبعد كدا، ياخدوه، يحرقوله إيده اليمين، وينفّذوا

فيه واحد من أشهر وأقسى أحكام الإعدام في تاريخ "مصر"، بإنهم، يا عزيزي، يحطوه على الخازوق. الخازوق، يا عزيزي، لو انت ما تعرفش يعني، هو جسم صلب بيتم إدخاله من فتحة شرج الإنسان، لحد ما يطلع من بُقّه! ما هُمّاش بس، يا عزيزي، بيعملوا كدا، العملية دي، يا عزيزي، لازم تحصل بحرَفِية شديدة، عشان ما تعدّيش وهي داخلة على مقتل، "احنا عايزين الراجل يفضل متعلّق عايش بيـSuffer، ما يموتش! ويمر بتجربة بطيئة لحد ما يموت!" بعد موت "سليمان" بتتساب جثته في العراء، تنهش في جثته الطيور الجارحة، وبعدها، بياخد أحد

العلماء الفرنسيين جمجمته، عشان يعرضها على طلبة كلية الطب يدرسوا عليها سمات الإنسان المتعصب! وبعدها، بتنتقل لمتحف الإنسان في العاصمة "باريس"، وتفضل معروضة هناك، لحد النهاردة. بييجي بعد موت "كليبر"، أقدم قادة الحملة الفرنسية "جاك مينو"، الراجل اللي كان Actually محل سخرية الجنود الفرنسيين، بسبب ضعف شخصيته وبدانته المفرطة، بشكل كان يتنافى، في وجهة نظرهم، مع كونه قائد عسكري، وعلى عكس "كليبر"، الراجل دا بيبقى مصمم على البقاء في "مصر"، لدرجة إنه بيعلن دخوله الإسلام، وبيسمي

نفسه "عبد الله جاك مينو"، وبيتجوز من مصرية مسلمة، وهي "زبيدة البوّاب"، بنت أحد تجار "رشيد". ولكن العثمانيين والإنجليز ما بيسكتوش، وبيجهّزوا حملة جديدة لإخراج الفرنسيين من "مصر"، وبالفعل، بعد شهور قليلة، بينزل الجنود الإنجليز في "أبو قير"، ويكسبوا الفرنسيين في معركة "كانوب"، ويحاصروا الجنرال "عبد الله جاك" في "إسكندرية". أما جيش العثمانيين اللي جاي من "الشام"، فبيتقدّم لغاية ما يقابل الفرنسيين في "بلبيس" في "الشرقية"، ويهزم الفرنسيين برضه. وهنا، يا عزيزي، تلاقي الحملة الفرنسية نفسها وسط حصارين

وبيكون واضح للكل إن نهاية الحملة أوشكت. وفي يوليو 1801، بيوقّع الجنرال "بليارد" على استسلامه في "القاهرة"، "أنا مروّح"، وبعده بيستسلم الجنرال "عبد الله جاك" في "إسكندرية"، اتفاقيتين استسلام بينصوا على السماح لجنود الحملة الفرنسية إن هما يخرجوا. الحملة، يا عزيزي، اللي بدأت بـ36 ألف جندي، كانت خسرت أكتر من نُصها، خسروا أكتر من نُص جنودهم في خلال 3 سنين في معارك مُرهِقة. "معلش يا (أبو حميد)، حاجة انت تقريبًا سقطتها، (نابليون) راح فين؟! ازاي قاعد كل دا في (فرنسا)

وسايب الناس يحصل فيها كدا؟!" خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن "نابليون" كان خلاص، عمل اللي هو عايزه من الحملة الفرنسية على "مصر"، وكان أدرك، قبل أي حد تاني، إن هي فشلت تمامًا، أول حاجة، بسبب بُعد المسافة بينها وبين "فرنسا"، وتاني حاجة، بسبب وجود الأسطول الإنجليزي القوي جدًا اللي موجود في "البحر المتوسط"، الأسطول اللي كان حارم "مصر" من أي إمدادات، وبالتالي، "نابليون" فقد اهتمامه بـ"مصر" تمامًا، "أنا مالي بكل دا؟! أنا هأرجع البلد، الأرياف، أربّي (نابليون) الصغير، وأتفرج على (إبراهيم فايق)، فقرة (السبورة) قبل ما أنام!" "نابليون" خلاص، كان دفن أحلامه

بخصوص "مصر"، خد المجد واللقطة والكام صورة والكام معركة، وريّح دماغه، زي ما قُلنا، وردة في عروة الـ"جاكتة". تقدر تشوف دا في المملوك اللي "نابليون" خده معاه من "القاهرة"، اللي فضل ملازم "نابليون" طول حياته، واللي كان حريص إنه يبقى قُدّام مواكبه، ويظهر في كل اللوحات اللي بتترسمله، بلبسه الشرقي المملوكي، عشان يفكّر الناس بحملته على الشرق، "أنا معايا Sovvenire، عبد." وبالتالي، الصورة قُدّام الفرنسيين أو الأوروبيين، تتخلد على إن "نابليون" غزا الشرق، وأهو الدليل معاه، عبد مملوكي، بيظهر

في كل صوره. كان ممكن، يا عزيزي، الحملة دي تبقى حدث زي أي حدث عسكري حصل وانتهى، ولكن المؤرخين والأدباء الفرنسيين ومن وراهم "نابليون"، اللي كان بقى إمبراطور "فرنسا" خلاص، كان حريص إنه يأكد طول الوقت إن حملته غيّرت تاريخ "مصر"، وكانت بداية لعصر تحديث "مصر"، بيقول المؤرخ الفرنسي "آلان ديكو"، ان مرور نابليون علي مصر كان اول شعاع نور اخترق ظلام البربريه ولكن لمّا نسأله، شعاع النور دا غيّر إيه في "مصر"؟ ما بنلاقيش جوابات واضحة، المصريين آه صحيح شافوا المطبعة، ودا اختراع مهم، بس شافوها وهي أداة للـ

خداع، المصريين كمان عرفوا يعني إيه محاكمة حديثة عادلة، بس شافوها وهي بتنكّل بيهم، عرفوا المدافع المتطورة وشكل الجيوش الحديثة، بس شافوها وهي بتدمر العاصمة بتاعتهم. وارد يكون دا الشعاع اللي بيطلّع من الظلام نور! تاني، يا عزيزي، احنا مش بنحاول نقول إن دي كلها حاجات ما كانش ليها لازمة، وإن المصريين ما اتعلموش كتير من وجود الفرنسيين، دا أكيد، ولكن الفرنسيين ما كانوش بيعملوا الحاجات دي لله وللوطن، ما كانوش بيعملوها عشان يا حبّة عيني صعبان عليهم المصريين، "ازاي عايشين من غير حداثة؟! ازاي كل يوم بيصحوا مش عارفين إن فيه مطبعة؟!" بدليل إن هما لمّا مشيوا، دمروها وخدوا كل حاجة معاهم، عشان فيه ناس بتقعد تماركت

احنا اللي..."، آه، انت اللي قدّمت، شاطر، بس قدّمتها ليه؟ ما عشان تسرق وتنهب وتقتل! صحيح، يا عزيزي، وقت ما جت الحملة، كان هناك فترة ركود علمي، بس قبلها، كان فيه حصيلة علمية وتاريخية كبيرة في "مصر"، كان ممكن يبقى المصريين متأخرين في بعض الجوانب، بس متقدّمين وكويسين في حاجات تانية، يعني مثلًا، الأطباء الفرنسيين استغربوا لمّا لقوا المصريين عندهم طريقة أحسن لتجبير العظام، ازاي تعمل جبيرة عشان تعالج الكسور، كمان، علاج أمراض العيون، اللي اتعلموها من المصريين، وبدأوا يستخدموها هما كمان. مستشفى الرمد، يا عزيزي، في "مصر القديمة" هي مستشفى

الرمد من يومها. والسؤال التاني، يا عزيزي، ما هي الحداثة؟ ?What is Modernism لأن السردية اللي في صف الحملة الفرنسية، بتعرّف معايير الحداثة وفق المعايير الأوروبية، وأي حاجة مش شبهها هي تعريف للتخلف والتأخر، ما حدش بيفترض إن التحديث والرقي ليهم وجوه كتيرة، طبعًا وجه القوة وجه مهم، ولكنه ليس الوجه الوحيد. وحتى لو افترضنا إن الحضارة الأوروبية هي النموذج المثالي، يعني، ما كانش فيه فرصة أحسن تعلّمونا المثالية غير بالاستعمار؟! مش كان ممكن يحصل الموضوع بالتواصل؟! بعثة هنا، وفد هناك، Scholarship

جامعة فرنسية، جامعة أمريكية؟! يا عمّي! طب حتى سيبوها تحصل بالزمن! حد يجيله عقد عمل، يروح هناك ينبسط، يرجع يقولّنا، "يا جماعة، دا الفرنساويين دُول حلوين." هما ابتدوا يعملوا كدا بعد كدا، احنا عندنا هنا في "مصر" حاجات كتيرة من دوَل ما استعمرتناش، التوكتوك، الشاورما السوري، الـFried Chicken، الـFrench Fries، اغزونا بالـFrench Fries! الحاجة الحلوة كدا كدا بتوصل، كان ممكن والله نغفرلكم حاجات كتيرة عشان البطاطس المحمّرة! وزي ما بيقول المفكر الأمريكي "كريستوفر هيرولد"، في كتابه "(بونابرت) في (مصر)"، إن فيه حاجة اسمها حتمية

الحملة الفرنسية لو ما كانوش راحوا معابد "الأقصر"، فدا مش معناه إن بالضرورة آثار الفراعنة كانت هتفضل مجهولة طول الوقت. يعني، لمّا حد يقولّك إن الفرنساويين هما اللي عرّفونا عن حضارتنا، لأ، مش بالضرورة، كان هنفضل كدا يعني، الراجل دا وجهة نظره إن التاريخ بيحتّم إن دي حاجات هتتعرف في وقت معيّن، لو ما كانش الفرنساويين عملوها، كان حد غيرهم عملها، زي الاكتشافات العلمية، يا عزيزي، دا ما بيحصلش عشان فيه شخص معيّن ظهر في اللحظة المعيّنة، هناك حتمية تاريخية وسياق هتقوده إنه يعمل الاكتشاف دا، وبالتالي، تلاقي أفكار كتير علمية 2 أو 3 أو 4 أو 10

بيوصلولها في نفس الوقت. وخلّيني أقولّك، يا عزيزي، في النهاية، إن أحيانًا الشر بييجي في إيده خير، وأحيانًا، الخير بييجي وفي إيده شر برضه، عشان تبقى عارف! الشر والخير، يا عزيزي، في العالم زي الشاي بلَبَن كدا، ولكن، يا عزيزي، دا مش معناه أبدًا إن الشر والغزو والاستعمار والاحتلال وسفك الدماء وظلم الناس عوامل ضرورية عشان نجيب التحديث والخير للمستقبل! عادي، ممكن نعمل Order، عادي بتيجي! واحنا بناكل هذا الـOrder، نشوف الحلقات اللي فاتت، ونشوف الحلقات اللي جاية، ننزل نبص على المصادر، ولو احنا على الـ"يوتيوب"، نشترك على القناة. خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن الأهلاوية عارفين كويس أوي إن "فرنسا" مش دايمًا

بييجي من وراها حاجات كويسة، "أنتوني موديست" دا ما شاء الله، تبارك الله، مدفوع فيه أد كدا، لعب 10 مباريات، شرب 4 كُبّايات شاي، واتطرد! والله ما فيش في تاريخهم غير العيش الفرنساوي!