audio
audioduration (s) 27.6
40.2
| transcription
stringlengths 190
553
|
---|---|
أنا الدكتور "رفعت إسماعيل"، وأنا على وشك الكشف عن أغرب حالة رأيتها إلى يومي هذا. بداية الأعراض... كانت قُصة شعر نازلة على عين المريض بدون فرد، بدون مكوة، بدون استشوار! والأغرب من كدا... إن المريض أصلًا بيعاني |
|
من الصلع الوراثي. ساعتها، أدركت إننا قُدّام مرض جديد من نوعه، بنسمّيه... متلازمة "عبد الباسط حمودة"... وأعراضها كالتالي... أول عَرَض... هو فقدان الذاكرة. أنا... أنا مش عارفني! تاني عَرَض... لا يتحمل الضجيج... دايمًا بيبقى |
|
عايز الجو هادي خالص، والدنيا هوس هوس! يا جماعة...! هوس هوس! بيقعد قُدّام المراية بالساعات! قوليلي يا مرايتي قوليلي إيه حكايتي! هه! رغبة غير مفهومة في سرقة الأعضاء. ادّيني قلبك! ادّيني قلبك بسرعة! أنا... أنا... أنا...! الـ |
|
أعراض ممكن ما يستحملهاش المريض، وهنا، بيتحتم التدخل الطبي. يا جماعة، المريض هيروح منّي! حد يجيبله قميص و"بليزر" بسرعة! طب حد يحُطّله كريم! أنا... أنا... أنا...! يا ابني، نيّم شعره لقُدّام، مستني إيه؟! كهربا بسرعة! مش قادر أنسى آخر حاجة قالهالي، قبل ما يروح منّي! حزين... إن لم تسعفني |
|
خبراتي الطبية المحدودة في إنقاذ هذا الإنسان... من متلازمة "عبد الباسط حمودة"! ولكن عزائي الوحيد... إن المتلازمة... انتهت عنده. أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا بكم في |
|
حلقة جديدة، من برنامج "الدحّيح"! في يناير، يا عزيزي، 2021، بيعلن معهد "باستور" الفرنسي عن وقف إنتاج لقاء كورونا الخاص بيه، لأن، يا عزيزي، نتايج اختباره كانت مخيبة للآمال. وبينما دا، يا عزيزي، ممكن تجده خبر منطقي، في وقت لسة العالم فيه بيتعرّف على الوباء، إلا إن السياسيين الفرنسيين هيصفوه بإنه National Humiliation، "إهانة قومية". "الجارديان"، يا عزيزي، هتقول إن هذا الخبر ضربة لتقدير الفرنسيين في ذواتهم "يا نهار أسود يا (أبو حميد)! طب وليه كل دا؟! دا خبر |
|
طبي، مش هزيمة في حرب!" المشكلة، يا عزيزي، إن هذا الفشل جه من معهد بيحمل اسم "لويس باستور"، اللي بالنسبة للفرنسيين لم يكن مجرد عالِم، وإنما رجُل عبقري بخبرته العلمية نجح إنه يخوض سباق سياسي خلّى "فرنسا" أعظم دولة في زمنها، سبقت أعداءها وقدّمت لقاحات لأمراض فتاكة، في الوقت اللي حكومات العالم فيه كانت لسة بتتخبّط. لمّا "فرنسا" والمعهد بتاع "باستور" تحديدًا بيفشلوا في العثور على لقاح للكورونا، فدا، يا عزيزي، بيُعتبَر خزي وطني، مش مجرد تجربة علمية |
|
وفشلت. البرلماني الفرنسي "باستيان لوكود" هيلخّص إحساس الفرنسيين لمّا يقول: "يا لها من رمزية! (فرنسا)، بلد (باستور)، مش عارفة تطلع بلقاح؟!" "معلش يعني، ما تآخذنيش يا (أبو حميد)، مش (باستور) دي جاية من (بسترة)؟ يعني الراجل دا كان بتاع بسترة اللبن؟ إيه اللي دخّل أهله في اللقاحات؟! ولّا هو برضه كان بيلقّح؟! فزي يا (أبو حميد) ما اتعودنا، خُدني من إيدي لسنة من السنين اللي انت بتحبها، ورجّعني لأصل الحكاية. بس والنبي، بلاش الإنسان الأول، وعصور حَجَرية وعصور طبشورية!" طب، يا عزيزي، آخدك معايا العصر القوطي؟ الـ |
|
عصور الوسطى، انت بتحبها. "(أبو حميد)، لو سمحت، ما تهزرش في التاريخ! ابدأ من حقبة يكون فيها شَبَكة!" عزيزي، خلّيني آخدك من إيدك، ونروح لمنتصف القرن الـ19، إيه رأيك؟ حلو كدا؟ وقتها، الأوساط العلمية الأوروبية هتنشغل بسؤال، ما هو أصل الحياة؟ أشهر نظرية، يا عزيزي، هتجاوب على هذا السؤال، هتتسمّى... "بُص يا عم، الكائنات الحية هتتوالد تلقائيًا من جمادات غير حية. عشان كدا، لو سبت حتة لحمة غير حية، بعد شوية، هتلاقيها مليانة ديدان!" العلماء قاموا قايلينلك: "بس! الديدان الحية جت من اللحمة الميتة." علماء |
|
تانيين قاموا قالوا: "دا مش كلام ناس عاقلة!" وهنا، هتعرض الـParis Académie of Sciences، جايزة للي يحسم هذا الخلاف. هنا، هيظهرلنا عالِم بيقول إن "احنا هنفضل نتكلم ومش هنوصل لحاجة! خلّونا يا جماعة نروح المعمل ونجرب." هنا، يظهر دور العالِم "لويس باستور". "باستور" هيجيب اتنين Swan-Neck Falsks، 2 من أواني المعمل بالشكل اللي انت شايفه قُدّامك بالظبط دا، حط جوا الـ2 دُول حساء، "باستور" هيعقّم الاتنين ويغليهم، بحيث، يا عزيزي، يبقى معانا اتنين Flasks، واحدة متعقمة، والتانية هيفتحها للهوا، "باستور" قام |
|
قايلّهم: "يا جماعة، الناس اللي بيقولوا على الـSpontaneous Generation، لو نظريتكم صح، هنا التعفن هيظهر في الاتنين، المقفول، والمُعرّض للهوا، لأن الحساء غير الحي المفروض يكوّنلنا العفن." المفاجأة، يا عزيزي، أو اللي هي مش مفاجأة بالنسبالنا احنا دلوقتي نعرفها عادي، إن التلوث والعفن دُول ما ظهروش غير في القارورة أو الـFlask اللي اتساب في الهوا. يعني، اللحمة لوحدها، مش هتطلّع ديدان، اللحمة بشوية هوا فيه يرقات من الديدان موجودة، أو ديدان عدّت، فولدت يرقات، هتطلّع ديدان. لكن لو جبنا اللحمة دي، وقفلنا |
|
عليها، مش هتطلّع ديدان. وبالفعل، الـFlask التانية المقفولة، فضل الحساء اللي جواها سليم، "باستور" أثبت إن الموضوع ما لهوش علاقة بالتوالد التلقائي، حاجة حية من جماد غير حي، No! دا، يا عزيزي، هيطلعلنا نظرية معروفة بالـGerm Theory، "نظرية الجراثيم". قد تبدو ليك تجربة علماء و"نيردات"، مشغولين بأسئلة فلسفية وقاعدين في معمل بيجربوا. لكن خلّيني أقولّك إن هذه التجربة هتنقذ الإمبراطورية الفرنسية من الإفلاس، وخلّيني، يا عزيزي، آخدك من إيدك، ونرجع ورا شوية. سنة 1863 |
|
صناعة النبيذ، اللي هو الـWine يعني، أهم صناعة في "فرنسا"، وأساس صادراتها لـ"أوروبا"، بتتعرّض لـWine Diseases، أمراض بتبوّظ طعم النبيت، وقتها، هيستدعي الإمبراطور "نابليون التالت" "باستور"، "الحق يا (باستور)، الـWine بيبوظ!" "باستور"، يا عزيزي، هيشتغل سنتين، لحد ما ييجي يحضر بميكروسكوبه، ويورّيه للإمبراطور والإمبراطورة، عشان يفرّجهم على كائنات دقيقة موجودة، كائنات بتتدخل في عملية التخمير وبتبوّظ النبيت، وهيقدّملهم الحل، "محتاجين يا جماعة نغلي النبيت لـ55 درجة. عملية البسترة". طبعًا، عرفت |
|
هي جاية منين دلوقتي، دي العملية اللي بنطبقها على اللبن وسوايل تانية كتير، عشان نقدر نخلص من الجراثيم اللي موجودة فيها. "باستور" هنا مش بس بينقذ صناعة النبيذ، دا كمان، بينقذ صناعة الحرير في "فرنسا" و"أوروبا" و"آسيا"، لمّا ديدان القز تكتسحها أمراض قاتلة، "باستور" هيمسك الديدان دي، ويكتشف إنها مُصابة بالـ"نوزيما"، وهو مرض وراثي ومُعدي، "باستور" بالفحص هيعرف إنه بيظهر في صورة جسيمات بتلمع. هنا، يا عزيزي، "باستور" هيفصل إناث الديدان، وبعد ما كل واحدة تحط البيض بتاعها، هيفحصها، لو لقى عندها جسيمات بتلمع، هيقوم شايل بيضها و |
|
يا عزيزي، كأنه بينقي السلالات من البداية، "باستور" هنا تحول إلى بطل وطني، أنقذ اقتصاد "فرنسا" و"أوروبا"، ولكنه في نفس الوقت، كان مَصدَر استغراب للعلماء. "ليه يعني يا (أبو حميد)؟ عشانه راجل شايف شغله؟" متوقع، يا عزيزي، إن لمّا أقولّك جراثيم وسلالات وميكروسكوب وفصل البيض، وعلم وراثة، وغلي عند درجة حرارة 55 Exactement، إنك تفتكر إن "باستور" دا عالم "بيولوجي" أو دكتور. إلا إن الحقيقة إن "باستور" كان كيميائي، كان شغال وبيجرب في مجال |
|
رفضوا إن هما يقبلوا نظرياته، بالرغم من نجاحها، لمجرد إن بطلها كيميائي، وليس دكتور، إلا إن "باستور" هيقول دايمًا: "ما فيش حاجة اسمها علوم بحتة، فيه علم، وفيه تطبيق للعلم." ودا، يا عزيزي، بيبان في شخصية "باستور"، شخص بيشوف المشكلة، وبيروح فورًا للتطبيق والتجربة، عشان يحلها. الحقيقة، يا عزيزي، "باستور" هياخد الـLegion of Honor، بمناسبة إن هو ظبّط مزاج الإمبراطور، وعالجله مشكلة الـWine اللي هو بيحبه، فالراجل بناله معمل عملاق، عشان يكمّل شغله، "يلّا بقى، أي كحوليات هتبوظ مننا، هنبعتهالك على |
|
طول!" لحد هنا، يا عزيزي، "باستور" فخر لبلده، والحياة ماشية معاه زي الفل، ولكن فجأة، يا عزيزي، بتشتعل الحرب البروسية الفرنسية، سنة كام؟ سنة 1870. حرب، يا عزيزي، هتنتهي بإذلال "فرنسا"، واستسلام إمبراطورها "نابليون التالت"، اللي كان الـSponsor بتاع "باستور"، وبالتالي، "باستور" بيخسر معمله وكرامة وطنه، وبيرجع يبدأ من الصفر! في اللحظة دي، يا عزيزي، "باستور" هيركّز حياته على عدو واحد، مش الجراثيم ولا الميكروبات، وإنما الألمان، اللي ذلّوا وطنه. سنة 1871، "باستور" |
|
هيرد درجة فخرية قدّمتهاله جامعة "بون" الألمانية، "مش عايزها! خلّوا الدرجات الفخرية دي عندكم!" مش بس كدا، يا عزيزي، دا هيقوم ماسك الدبّاسة، ويقوم مدبّس فيها خطاب ازدراء لـ"ألمانيا". ويا عزيزي، هتتخمر في عقله فكرة، أعظم فكرة للانتقام من الألمان، "ياه يا (أبو حميد)! هيستخدم سلاح جرثومي ولّا إيه؟! هيجند كل الكائنات الدقيقة اللي شافها تحت الميكروسكوب بتاعه، ويعمل بيها جيش كبير من كائنات صغيرة، ويغزو (ألمانيا)؟" لا، يا عزيزي، الحقيقة إن هو هيعمل إزازة "بيرة"، "إيه؟! (أبو حميد) |
|
هو كدا بينتقم من الألمان؟ ولّا بيخدّم على القعدة؟!" عزيزي المشاهد الجميل، خلّيني أشرحلك إن الضربة Actually ضربة اقتصادية. "ازاي يا (أبو حميد)؟!" الـ"بيرة" كانت سلعة ألمانية أساسية، "ألمانيا" بتعتمد عليها في التصدير، فبعد ما "ألمانيا" احتلت "ألزاس" والـ"لورين"، معقل صناعة الـ"بيرة" في "فرنسا"، احتكروا الصناعة، ما بقاش ليهم منافس. خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن الألمان كانوا بيعانوا في صناعة الـ"بيرة"، بيخزنوها في "بدروم" طول الشتا، على درجة حرارة منخفضة، عشان ما تبوظش. "باستور"، يا عزيزي، كان عارف كويس أوي إن المشكلة عندهم في |
|
الجراثيم، فاللي عمله بقى إنه اخترع "بيرة"، طبّق عليها أساليبه، وبقت صناعتها أسهل، وسمّاها، يا عزيزي، الـBeer of Revenge، "(بيرة) الانتقام"، أو ما يُعرف في الحانات المصرية بـ"كوز الانتقام". "باستور"، يا عزيزي، هيقدّم أبحاثه في كتاب Studies on Beer، "دراسات على الـ(بيرة)." الـ"بيرة" بتاعته، يا عزيزي، هتكتسح "أوروبا"، "باستور" هيقعد يتفرج على اللي بيحصل، وهو بيستمتع بانتقامه، لأن الـ"بيرة" هتتطور في كل "أوروبا"، إلا "المانيا". ليه؟ لأنه رفض ترجمة كتابه للـ |
|
ألمانية واللي عايز يعمل الـ(بيرة)، يجيلي المركز الثقافي الفرنسي." "(باستور) عمل كدا يا (أبو حميد)؟!" عمل كدا، يا عزيزي، بالظبط، على حسب المصادر. وقام عاملّه كداهو! "باستور"، يا عزيزي، بالحركة الروشة دي، هيتحول إلى Rock Star، في وطن اتذل ومحتاج رمز. "احنا خسرنا الحرب واتذلينا واتهاننا، واحتلوا أراضينا، بس Thanks, God، الألمان ما يعرفوش يعملوا (بيرة) زينا! وكاتبين الكتاب و(أوروبا) كلها عارفة، وهما مش هيعرفوا، عشان مش متترجم!" انتصارات سنجاب! بعيدًا عن السخرية، يا عزيزي، خلّيني أقولّك إن دي كانت مجرد بداية، "باستور" وهو قاعد كدا |
|
باصص للـ"بيرة"، اللي بتسبح فيها جراثيمه الدقيقة، وعمّالة تبوّظها، هيتملّكه الهوس بسؤال، ماذا لو الأمراض اللي في أجسام البشر أو الحيوانات، ما هي إلا مجرد جراثيم بتسبح في الدم، شبه الجراثيم اللي بتسبح في الـ"بيرة"؟ وهنا، يا عزيزي، هيعمل أعظم Shift Career في تاريخه، من الكيميا للتخمير للبسترة، لعلم الـBacteriology، اللي "باستور" هيبقى من أعظم رواده. "طب الحمد لله يا (أبو حميد)، طمنتنا على الراجل. أنا قُلت هو بدأ بـWine، وماشي في الـ(بيرة)، ويا عالم، بعد كدا هيروح فين! أخيرًا، هيركّز على حاجة مفيدة، و |
|
يسيبه من (ألمانيا) والجو دا!" يا عزيزي، احنا داخلين على حرب بين بلدين كبار، حرب بين "فرنسا" و"ألمانيا" يمكن تبقى أشرس من الحروب العالمية. بينما "باستور" في الوقت دا كان عدّى الـ50 سنة، وجاتله سكتة دماغية زمان، خلّته مش قادر يحرك إيده الشمال، يعني، عجوز، منهك، وبيعمل Career Shift! بس بالرغم من كدا، إلا إنه هيوصل لفكرة هتغير شكل الطب تمامًا، اللي ما كانش "باستور" يعرفه إن فيه شخص هيظهر قُدّامه، عشان يغيّر المعادلة. على بُعد تقريبًا 1000 كيلو متر، في مدينة "فولشتاين" الريفية، بيظهر الشاب الألماني "روبرت |
|
كوخ اللي كان، يا عزيزي، أصغر من "باستور" بـ21 سنة، وبيفكر في الفكرة نفسها. سنة 1873، هيتفاجئ "كوخ" بوباء الجمرة الخبيثة، وباء بيجتاح مدينته، وكل الماشية بيتعرّضوا لتورم ونزيف أسود، وبعدها، بتحصل وفاة مروعة "كوخ" كان طبيب ريفي، ما عندهوش رُبع مكانة "لويس باستور"، ولا حتى الأوساط العلمية عارفاه، كان Mr. Nobody، إلا إن "كوخ" هيتجاوز اسمه، ويحط الستارة في نُص العيادة الريفية بتاعته، ويقسمها لجزئين، جزء للمرضى، وجزء عبارة |
|
عن معمل بدائي، معمل ما فيهوش غير ميكروسكوب جابتهوله مراته هدية، ولمّا ينشغل في أبحاثه، مراته هتسرّب العيّانين، عشان يعرف يركّز. "كوخ" هيدرس دم الخرفان المُصابة، وهيلاقي جُسَيمات بالشكل اللي قُدّامك دا، "كوخ" هنا هيبقى محتاج يشوف الجُسَيمات وهي بتتحرك وبتتكاثر، عشان يثبت إن هي المتسببة في المرض، ودا هيخلّيه يدوّر على وسيط يسمح بزراعة هذه البكتيريا عليه. وعلى حسب كلام عالِم المناعة "ستيفن كوفمان"، فـ"كوخ" بفكرة عبقرية بيقدر يلاقي الوسيط في عين التور. "(أبو حميد)، واشمعنى عين التور |
|
دا لأن هناك سبب طبي؟ ولّا لأن التور هو الحيوان الوحيد اللي وافق على هذه التجربة؟" لأ، يا عزيزي، عين التور كانت مميزة بالنسبة لـ"كوخ"، لأن جواها سائل مُعقَّم مليان مواد غذائية، كمان، عين التور، البكتيريا تقدر تتكاثر فيها وتكبر. "كوخ" هيخلق مزرعة ناجحة وهياخد البكتيريا الجديدة ويحقنها في حيوانات سليمة، زي الأرانب والخرفان، واللي مع الوقت، هتتصاب بأعراض الجمرة. وعشان يتأكد من تجربته، هيعزل البكتيريا، ويكرر الموضوع في 20 جيل من الفيران. دا، يا عزيزي، هيخلق ما يُعرف بـ"فرضيات |
|
(كوخ)"، رقم 1، تلاقي ميكروب في حيوان مُصاب. 2، تعزله في مزرعة نقية. بعدها، تزرعه في حيوان سليم، فيُصاب. ورقم 4، إنك تعزل الميكروب، فيطلع هو هو اللي بدأت بيه. انت فاهم هنا، يا عزيزي، الفكرة؟ فكرة، يا عزيزي، إن الجراثيم بتعمل أمراض دي كانت فكرة جديدة، دي ما كانتش حاجة احنا فاهمينها، احنا افتكرنا الناس بتمرض كدا... لوحدها. اللي الراجل دا كان بيقوله إن: "يا جماعة، الجراثيم بتعمل أمراض. وعشان نقدر نتأكد من دا، محتاجين نعزل الجرثومة من الجسم المريض، نحطها في مكان، بـ |
|
حيث إنها تتكاثر وتكبر وكدا، زي ما حصل في عين التور كدا، لأن عينه بيئة كويسة لحفظ الجراثيم، بعد كدا، أجيب حيوان سليم، ما لهوش دعوة بالحوار، أقوم واخد هذه الجراثيم، وحاططها في هذا الحيوان، لمّا ألاحظ إن هذا الحيوان ابتدا يبقى عنده المرض، أقوم أنا عازل الميكروب، ألاقيه: إيه دا؟! دا هو هو الميكروب اللي أنا بادئ بيه أصلًا، إذًا، هذا الميكروب هو اللي مسئول عن هذا المرض. آه!" فرضيات "كوخ" دي، يا عزيزي، هتكون أداة لكشف الأوبئة لحد النهاردة، هو اللي حط الأساس |
|
عزيزي، ليه أمك لمّا كانت تشوفك بتلعب في حاجة، تقولّك: "كُخ! كُخ!"؟ هيجيلك جراثيم! ولكن، يا عزيزي، اللي "كوخ" ما يعرفهوش، إن فيه شخص تاني هيظهر ويغيّر المعادلة. "لويس باستور"، يا عزيزي، كان قاعد غالبًا بياكل كرواسون سنة 1876، وهيتفاجئ بطبيب ريفي بينشر ورقة، بتربط لأول مرة Specific Bacteria with Specific Disease، لقى، يا عزيزي، قُدّام عينه أول إثبات عملي لنظرية الجراثيم اللي هو قالها من سنين. و |
|
منه، ومغمور وفي الفلّاحين وألماني، اللي كانت وقتها "بروسيا"، وابن اللذين ما جابش في أوراقه سيرة مجهود "لويس باستور"! نظرية الـGerm Theory، النظرية اللي لولاها، ما كانش "كوخ" هيربط البكتيريا كمسبب للمرض. لحد هنا، يا عزيزي، احنا أمام غيرة علمية منطقية، لكن "باستور" هيعرف إن "كوخ" مش ألماني عادي، لأ، دا كمان شارك في الحرب البروسية، وخدم ضد "فرنسا". "طب وهو يا (أبو حميد) ذنبه إيه؟! ما أي ألماني كان لازم يحارب!" خلّيني |
|
أقولّك، يا عزيزي، إن "كوخ" كان أصلًا معاه إعفا من التجنيد، عشان عنده قُصر نظر، إلا إنه هيتطوع بنفسه كطبيب عسكري، ودا اللي هيخلّيه في نظر "باستور" ألماني متعصب. "باستور" هيبدأ سنة 1878 أبحاثه في الجمرة الخبيثة، عشان هنا، "فرنسا" تلحق "ألمانيا" في السباق، هيلاحظ "باستور" و"كوخ" إن الجمرة بتنتشر في حقول بعينها في "أوروبا"، هتتسمّى "الحقول الملعونة"، لأن ببساطة، أي حيوان بيزورها، بيعيى ويُصاب بالجمرة. "باستور" و"كوخ" هيكتشفوا إن بكتيريا الجمرة الخبيثة في الـ |
|
ظروف الصعبة، بتتحول لـSpores، جدران سميكة البكتيريا بتحاوط نفسها بيها، عشان تقاوم الحر والرطوبة، وتفضل جوا التربة، وبما إن الفلّاحين بيدفنوا الحيوانات المصابة في الحقول، فالديدان بتتغذى عليها، وبتطلع بالـSpores دي للسطح، شوية مطر، أو حيوان تاني ياكل العشب، والـSpores تفتح، ودا هيخلّي "كوخ" يؤمر الفلّاحين بإن هما يحرقوا الحيوانات الميتة. وبين 1878 و1880، خلال سنتين يعني، هينشر "باستور" أبحاث جديدة عن الجمرة، هيلاحظ "كوخ" هو كمان إن العملاق الـ |
|
فرنسي ما جابش سيرته هو كمان خالص، "باشا، أنا اللي اكتشفت الجمرة ودورة حياتها، أنا اللي أثبتّ نظرية الجراثيم." "باستور"، يا عزيزي، يا دوب حاطه في Footnote كدا صغننة في الهوامش كأنه نكرة جرثومة، "زي اللي احنا شغالين عليهم كدا." هنا، يا عزيزي، في هذه اللحظة، هتتولد عداوة تاريخية، بين مدرسة ألمانية ومدرسة فرنسية، Pasteur Vs Koch، كل عالم فيهم وراه بلد متحفز، وبيُعتبَر كل اكتشاف علمي لواحد فيهم، انتصار، مش ليه هو، لوطنه على الـ |
|
عدو. والمدرستين دُول لم يكونوا مجرد دوَل مختلفة، لكن كمان، دُول أفكارهم مختلفة. على حسب "كوخ" والمدرسة الألمانية، فالميكروبات اللي بنعزلها وبنعملّها مزرعة، خصائصها ما بتتغيرش، فبالتالي، ما فيش قُدّامنا حل غير إننا نكتشف البكتيريا اللي بتسبّب أي مرض، ونحاول نحمي نفسنا منها، وقاية، زي ما "كوخ" أمر بالظبط بحرق الحيوانات عشان الـSpores، حل وقائي قُصاد ميكروب هيفضل محتفظ بخصائصه. "باستور" بقى والمدرسة الفرنسية، هيقول إن الميكروب له Virulence، حدة بتزيد وبتقِلّ، لو قلّت هذه الحدة |
|
الميكروب ممكن يضعف وخصائصه تتغير، وهنا بقى، نقدر نلاقي علاج يقتله، أو يكون هو نفسه العلاج. "باستور" وصل للنتيجة دي من تجاربه على الـChicken Cholera، اللي بتسببها بكتيريا الباستيوريلا، "باستور" لقى إن لمّا عينات البكتيريا اتعرّضت لهوا لفترة طويلة، بدون ظرف عزل مناسبة تغذيها، البكتيريا، يا عزيزي، ضعفت، لمّا اتحقنت الفراخ بالبكتيريا الضعيفة دي، واتحقنت بعدها بالبكتيريا العادية، الفراخ ما ماتتش. يعني، بشكل أو بآخر، يا عزيزي، لو |
|
خلّينا البكتيريا تضعف، نقدر نحوّلها للقاح، أو Vaccine. "ثانية واحدة يا (أبو حميد)! هو (باستور) هو اللي اخترع الـVaccine؟" لا، يا عزيزي، "إدوارد جينر" وصل لفكرة الـVaccine قبله بعقود. "الله! ازاي؟!" "جينر" كان أول واحد يحقن مرضى الجُدري بعيّنة بكتيرية من جُدري البقر، ودا كان أول Vaccine عرفته البشرية، الفكرة إن "جينر" دا ما كانش فاهم الـProcess، ما كانش فاهم دا بيحصل ازاي. "باستور" هو أول واحد هيفهّمنا ليه تجربة "إدوارد جينر" نجحت. عشان كدا، المؤرخين هيقولوا: Jenner discovered vaccination |
|
Pasteur invented vaccines "باستور" هيقول إن لو ميكروب خصائصه متغيرة، وبالتالي، نقدر نضعفه، فاحنا كدا نقدر نعمل Vaccine لأي مرض. ودا، يا عزيزي، هيميز مسيرة "كوخ" و"باستور" للأبد، "كوخ" هيركّز دايمًا على الوقاية والنضافة، وكل الطرُق اللي يمنع بيها وصول الميكروب للجسم. "باستور" بقى بييجي بعد المشكلة، هيركّز دايمًا على العلاج، ودا ربما لأنه من 5 أطفال أنجبهم، هيخسر 3 بالتيفويد، فهو عارف يعني إيه مريض يتمنى علاجه، وما يلاقيهوش! "باستور" هيتفاجئ بدعوات تحدي جاياله |
|
نعمل تجربة على الكلام دا على الجمرة الخبيثة، اللي عمّال تتخانق وترازي فيها الألمان." وفي ربيع 1881، هيتنظم رهان علني، في مدينة "بويلي لي فورت"، "باستور" وفريقه هيضعفوا بكتيريا الجمرة عن طريق وضعها في وسط عالي الأكسجين، على درجة حرارة تمنع تكوّن الـSpores اللي بتحمي البكتيريا، كمان، يا عزيزي، هيضيفوا حاجة اسمها Carbolic Acid، وهيجيبوا 70 خروف، يحقنوا نُصهم بالبكتيريا الضعيفة، اللي هي الـVaccine، اللقاح، وأخيرًا، هيحقنوا كل الخرفان بالبكتيريا السليمة كاملة القوة |
|
وعلى حسب كلام "باتريك بيرش" مدير معهد "باستور"، فـ"باستور" حط سُمعته وكل إنجازاته السابقة على المحك، بيـRisk بتجربة غير مضمونة، ما يعرفش مبدأ إضعاف البكتيريا بالـVaccine دا صح ولّا لأ، ولو صح، ما يعرفش طريقته في إضعاف البكتيريا دي صح ولّا لأ، والأهم، هتكون فعّالة مع الجمرة ولّا لأ. "باستور" هيـRisk في هذا التحدي قُصاد 200 متفرج، سياسيين ومزارعين وصحفيين، المجتمع كله، عشان، يا عزيزي، يشوفوا تجربته بتنجح بشكل ساحق، الخرفان اللي متطعّمة، اللي خدت البكتيريا الـ |
|
ضعيفة، هتعيش، والباقي هتموت. في الـSeventh International Medical Congress، اللي اتعمل في "لندن" سنة 1881، هيكون هنا، أول لقاء بين "كوخ" و"باستور"، "كوخ" مكتشف بكتيريا الجمرة، هيلاقي 3000 عالم ناسيينه، وبيحتفلوا بـ"باستور" اللي عالج الجمرة. "كوخ"، يا عزيزي، وقتها هيكون طوّر أبحاث متعلقة بعزل البكتيريا وصبغها، ولكن المجد كله هيروح لـ"باستور"! "كوخ"، بعد المؤتمر، هيتورط في حرب تشهير مع "باستور"، هيتهم فيها تجربته وعيناته |
|
أنها ليست دقيقة. "يا لهوي على غل الألمان يا (أبو حميد)! بدل ما يحتفل بزميله؟! بصراحة، يا (أبو حميد)، أنا شايف إن هو Bad Loser! (باستور) قدّم لقاح لوباء، والتاني قعد شغال على صبغة؟! ليه؟! كوافير؟!" يا عزيزي، احنا مش قُلنا تتريث؟! تريث! عزيزي، ممكن لو سمحت، من 6 حروف وفيها السلامة؟ ممكن؟ التأني، اتقل عليا وعليه! الصبغة اللي مش عاجباك دي، "كوخ" هيكتشف بيها أوبئة أخطر بكتير من الجمرة الخبيثة، خلّيني أشرحلك. "كوخ" ومدرسته اقتنعوا إن ما دام الميكروب خصائصه مش بتتغير، وعلاجه صعب، "فخلّينا احنا نشتغل على اصطياده أحسن، فنطور الميكروسكوبات |
|
ونطور الطرُق، اللي بنشوف بيها البكتيريا، وتحديدًا، البيئة الصناعية اللي بنقدر نزرع فيها البكتيريا." "كوخ" أساس نجاحه مع الجمرة إنه عرف يلاقي وسيط زي سائل عيون التيران، دا مكان البكتيريا تحب تنمو فيه. ولكن، يا عزيزي، للأسف، دا ما ينفعش مع كل البكتيريا، كمان، البكتيريا لمّا تخش جوا السوائل بتبدأ تتلخبط مع أنواع تانية، والعيّنة بتفقد نقاءها كله. "كوخ" هيتوصل لـPlate Technique إننا نقدر نخلق مزارع للبكتيريا على سطح صلب، هيجرب، يا عزيزي، أسطح كتير، هيجرب في سطح البطاطس مثلًا، وهيجرب مع مواد تانية، لحد |
|
ما يلاقي الحل في الجيلاتين، اللي بعد تبريده، بيكون مزرعة عبقرية، مزرعة نقية لمعظم أنواع البكتيريا. في زمن "كوخ"، كان العلماء اقتنعوا إن كل البكتيريا شكلها ولونها واحد، ولكن "كوخ" ما اقتنعش بدا، فيه مثلًا بكتيريا شفافة، مش هتشوفها غير بالأصباغ، هنا، "كوخ" هيستخدم أصباغ، زي السافرانين والميثيل البنفسجي، ودا هيحسّن ظروف الإضاءة للميكروسكوب، عشان يقدر يشوف كل أنواع البكتيريا. وفي نهاية القرن الـ19، هتظهر أخطر الأوبئة على الكوكب، واللي ما كانش بقى الجمرة الخبيثة، وإنما |
|
خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن من 70 لـ90% من سكان الحضر في "أوروبا" وشمال "أمريكا" كانوا مرضى بالسُل، و80% من مرضى السُل النشط بيموتوا! كل الناس عارفين خطر السُل، بس ما حدش قادر يقفش البكتيريا بتاعته، لأنها مقاومة لكل أنواع الأصباغ اللي بتحاول تجيبها، لدرجة، يا عزيزي، إن القناعة وقتها كانت إن دا مرض وراثي، مش بتسببه البكتيريا أساسًا، "وإلا كنا هنلاقيها!" "كوخ" هيستخدم صبغة الـMythylene Blue Stain، اللي طورها واحد اسمه "بول إرليش"، عشان تكشف عن جُسَيمات عصوية في أنسجة مرضى السُل |
|
بُنِيّة، تعمل Contrast يبينها في الصور، واللي هيشوفه، اكتشاف رهيب، لأن عصويات السُل بتظهر في الأول بعد كدا، بتغطيها حديبات السُل في أنسجة المريض. "كوخ"، يا عزيزي، هيختبر 217 حيوان، وفي مارس 1882، هيحضّر معاه 200 مستحضر مجهري، فيما هيوصَف بأحد أعظم الـPresentations في تاريخ الطب. في نفس السنة بقى، هيقابل "كوخ" "باستور" في مؤتمر الصحة في "جنيف". "فاكر يا لا لمّا خدت التقدير والـCredit والـSuccès كله يا لا؟! هه! كاس وداير يا (باستور) بيه |
|
ولّا إيه؟!" وقتها، يا عزيزي، الآية هتتقلب 180 درجة، "كوخ" هيكون نجم المؤتمر. "إيه الأصباغ الحلوة دي يا راجل؟! دا انت خلّصت السُل كدا! كدا!" "كوخ"، يا عزيزي، هيكون نجم المؤتمر اللي اكتشف وباء القرن، و"باستور" في الخلفية، حضوره خافت وهادي، ولكن، يا عزيزي، العالم هيتفاجئ مفاجأة أثناء هذا المؤتمر، "باستور" هيقوم معتلي المنصة، ويتكلم عن "كوخ" اللي قاعد قُدّامه في أول صف بالاسم، وهيهاجمه، عشان شكّك في تجربته قبل كدا، "باستور" هيوصف |
|
"كوخ". "أنا علّمت على أمه!" خُد بالك، يا عزيزي، إن "كوخ" لم يكن متحدث لبق زي "باستور"، "باستور" كان راجل Prince، بيروح يقعد مع "نابليون التالت"، يظبّط الـWine بتاعه، يفتحتله معامل ليه، راجل كبير، كُبّارة، متحدث لبق. بينما "كوخ" كان طبيب ريفي، آخره المعمل بتاعه، دا راجل كان بيقسم المعمل بالستارة. مساحة صغيرة، يا عزيزي، مش عايزين نتكلم! دا هيخلّي "باستور" ينتصر عليه في المعركة الكلامية، هيردحله، والتاني مش هيعرف يرد عليه. مش بس كدا، وهيسرق من "كوخ" فرحته. دي، يا عزيزي، |
|
هتبقى آخر مرة "باستور" هيشوف "كوخ"، و"كوخ" برضه يشوف "باستور"، ولكن دي مش هتكون آخر جولة في المعركة. في خطاب مكتوب، "كوخ" هيقول أكتر جملة بيكرهها "باستور"، هيقوم، يا عزيزي، قايل، ودي بتوجع أوي، دي بتوجع جدًا: "(باستور) أصلًا مش دكتور، دا راجل دخيل على المجال." دي طبعًا، يا عزيزي، في حق أي حد مش حلوة، ما تفكرنيش بمجموعي! "صحيح، أنا مش دكتور، آه، بس حاطط اسمي على الصيدلية برة، وشغال، وبتُرزَق على فكرة!" التصريح اللي "كوخ" قاله على "باستور" دا |
|
هيخلّي الجولة الجاية عنيفة، ومقرها في آخر مكان ممكن تتوقعه، في "مصر". في صيف 1883، الكوليرا هددت "أوروبا"، لأنها انتشرت في مستعمراتها، اللي زي "مصر" و"الهند"، الكوليرا هتتحول لصراع سياسي بين "ألمانيا" و"فرنسا"، "ألمانيا" هتبعت بعثة بقيادة "كوخ"، وطبعًا، "باستور" كان عجّز أوي على رحلة زي دي، فـ"فرنسا" هتبعت، تحت إشرافه، تلميذه "إيميل روكس"، البعثتين هيوصلوا، يلاقوا الوضع مرعب، الوباء بيقتل 500 شخص يوميًا |
|
تلامذة "باستور"، ويمكن دي، يا عزيزي، لحظة إنسانية في قصة تنافسية صعبة، رغم إن "لوي" دا من أشرس أعداء "كوخ"، كان وصفه، يا عزيزي، ووصفه بـ"الريفي المكروه من زملائه". لمّا "لوي"، يا عزيزي، هيموت، "كوخ" هيزور قبره. المفاجأة بقى، يا عزيزي، ودي احترمت فيها "كوخ" أوي، الله عليك يا "كوخ"! الله! "كوخ" هيروح لقبر "لوي"، اللي كان بيشتمه، وهيحط على القبر أكاليل زهور، ويقول إن دي أكاليل غار، زي اللي كانت بتتحط للمحاربين زمان، وتحديدًا للمنتصر، زي اللي بتتحط للمنتصرين في الحروب القديمة. دي لحظة افتكر |
|
فيها الفرنسيين والألمان إن هما خارج العداوة السياسية، ببساطة، هما شوية أطباء نبلاء واقفين بشجاعة في مواجهة وباء متوحش، وهدفهم إنقاذ الملايين من البشر، "لوي" في اللحظة دي فكّرهم بدا، "احنا عدونا واحد، وهدفنا واحد، فليه بقى بنرازي في بعض؟!" ومع انحسار الوباء في "مصر"، البعثة الفرنسية هتمشي بعد شهرين، إلا إن "كوخ" مش هيستسلم، وبجنونه وشغفه، هياخد فريقه ويروحوا "كلكُتا" في "الهند"، حيث الوباء في ذروته، "كوخ" اكتشف بكتيريا على شكل فاصلة في أمعاء المرضى، واحتاج، زي ما طلّع |
|
القانون بتاعه، إنه يثبت علاقة هذه البكتيريا بالمرض، والأهم بالنسباله سؤال: ليه الكوليرا بتتفشى في بؤر بعينها، زي "مصر" و"الهند"؟ "كوخ" هيكتشف إن بكتيريا الكوليرا بتنشط في الدلتا، زي "النيل" و"الجانج"، اللي بيحصل، إن الناس بترمي زبالتها في النهر، وبعدها، سبحان الله، يغسلوا ويشربوا من نفس الميّه! فسبحان الله، يجيلهم كوليرا! فلمّا مشيوا ورا الخزانات والهدوم، لقاها غنية بنفس البكتيريا، فهيؤمر فورًا بتطهير الميّه في "كلكُتا"، وهينقل لـ"أوروبا" أفكاره حوالين تنقية الميّه، كمَصدَر أساسي لتجنب الكوليرا. الحقيقة، يا عزيزي إن "كوخ" |
|
اكتشف أهم وبائين في القرن الـ19، وهما الكوليرا والسُل. "باستور" هيلاقي إن الطبيب الريفي المغمور بيتحول قُدّامه إلى Professor of Hygiene في جامعة "برلين"، وبيتكرم من مستشار "ألمانيا"، "بيسمارك"، "بيسمارك" اللي دمّر وطن "باستور" في الحرب، فاكر؟ عملنا عنه حلقة. "باستور" هنا، يا عزيزي، هيلاقي نفسه محتاج يعمل Remontada، Remontada تكون عبقرية، وفي الحتة بتاعته، في منطقته، "كوخ" هنا بقى مَلِك الاكتشافات، و"باستور" هنا محتاج يرجع كمَلِك العلاجات. "باستور" هيقرر إن |
|
الـRemontada بتاعته تبقى في الـRabies، علاج لداء الكلب، مرض السُعار، فاكر الـ21 حقنة؟ "يا (أبو حميد)، ما تخلّيه يشتغل على حاجة لها لازمة! رايح يشتغلّي على السُعار؟! ما يشتغل على السُل ولّا على الكوليرا، ولّا على آلام المفاصل. والله." "باستور"، يا عزيزي، Followed his Passion، كان، يا عزيزي، منبهر بداء الكلب، لأن العضة بتاعته بتخف عادي، لكن المرض بياخد حضانة جوا الجسم بتوصل لـ3 شهور، بعدها، بتبدأ أعراض مرعبة، تشنُّجات وهلاوس لحد الموت! "هنا، احنا مش بس ممكن نخترع Vaccine يعملّنا وقاية |
|
احنا ممكن نعمله وندّيه في فترة الحضانة الطويلة، يعني بعد العدوى." الـConcept هيُعرف بـ... المشكلة، يا عزيزي، المرادي، إن "باستور" بيتعامل مع فيروس، وليس بكتيريا، الفيروسات أصغر بكتير من البكتيريا، في الوقت دا، لم يكن هناك الـElectron Microscope اللي بيقدر يجيب أحيانًا الفيروسات، ودا هيخلّي طريقة إضعاف الميكروب، عشان يعني يتعمل منه لقاح بعد كدا، طريقة مختلفة، "باستور" هيحقن الحيوانات في المخ، ويجفف الحبال الشوكية بتاعتها، عشان يضعف من الميكروب. تجارب محتاجة سنين، "باستور" راجل ستيني دلوقتي، ما عادش يقدر يستحمل مرمطة |
|
زمان، ويا عالِم، هيعيش ويشوف الاختراع ولّا لأ! ولكن واحدة من أشهر مقولات "باستور" بتقول: "الحظ بييجي للعقل المستعد". والحظ هييجي في يوليو 1885، لمّا عيّنة "باستور" هتستقبل "جوزيف مايستر"، طفل اتعض من كلب مسعور، وأمه بتتحايل على "باستور" إنه يعالجه. "باستور" هيقنع الأم إن تجاربه مش مؤكدة، وإنها على الحيوانات وبس، إلا إن الأم بتقولّه: "يا ابني، الواد كدا كدا هيموت، فجرّب، مش هنخسر حاجة!" "ما تعيطيش يا أمي! سيبيني أتصرف." ولكن |
|
هيقف لـ"باستور" مساعده الطبيب "إيميل روكس"، اللي حكيتلك عنه، ويقولّه: "يا دكتور، دا جنون!" لأن ما حدش متأكد الطفل أُصيب بالسُعار ولّا لأ، "لو حقنّاه وهو سليم، ومات، دا هيختم مسيرتك الحافلة بالإنجازات بفضيحة أخلاقية ممكن تشكك في كل إنجازاتك اللي فاتت!" إلا إن، يا عزيزي، "باستور" هيـRisk كعادته، لأنه هيفتكر أطفاله اللي التيفويد قتلهم، لمّا كان بيتمنى إنه يعمل أي حاجة، أو يجرب أي وسيلة عشان يحاول ينقذهم، وهيشوف في الطفل "جوزيف" دا امتداد ليهم. "جوزيف" هياخد 12 حُقنة |
|
من الميكروب المخفف، والحُقنة الـ13 هتكون حُقنة الميكروب الكامل، أو بمعنى أدق، الاختبار الأصعب في التجربة. بعد، يا عزيزي، ما "باستور" بيعمل الكلام دا، بيفضل قاعد مترقّب نتيجة التجربة، "كاريره" على المحك، تاريخه ممكن يروح في تجربة غلط، أو إن الواد يحصلّه حاجة، "كاريره" ممكن ينهار، لو التجربة فشلت والواد مات! مع إنه كدا كدا هيموت، بس ما زال الناس عندها توقعات من هذه التجربة. في الحقيقة، يا عزيزي، اللي بيحصل إن "جوزيف" |
|
الطفل بيخف. - "إيه؟!" - بيخف، يا عزيزي، "جوزيف بيخف من مرض السُعار بسبب اللي عمله "باستور". "باستور" بقى، يا عزيزي، هيتحول إلى وجهة يجيله مرضى السُعار من جميع أنحاء "أوروبا"، عشان يتعالجوا عنده. الله عليك يا أستاذ "باستور"! هي دي الـRemontada! "أنا برضه يا (أبو حميد) هأقول لأمي إن أنا لو بدأت بالـ(بيرة) والنبيت، هأعالج الأطفال في نهاية المطاف!" بعد، يا عزيزي، 10 سنين من هذا الوقت، "باستور" بيموت، وقبل موته، يا عزيزي، بوقت قليل، هيرفض تكريم جايله من "روسيا"، عشان يأكد في آخر لحظة في حياته إن حياته كلها كانت في خدمة "فرنسا" ضد "ألمانيا". بينما "كوخ" |
|
على الناحية التانية، هيهدي لـ"ألمانيا" فخرها الأعظم، لمّا في 1905، يفوز بجائزة "نوبل" على اكتشافه لبكتيريا السُل، الحرب دي، يا عزيزي، مش هتنتهي. بموت أو اعتزال أي كان، "باستور" أو "كوخ"، وإنما هتمتد لتلامذة المدرستين، اللي هيتسمّوا بالـMicrobe Hunters، "صائدي الميكروبات". سنة 1894، هينجح "ألكسندر يرسين" في اكتشاف البكتيريا المسببة للطاعون الدُبَلي، نوع من أنواع بكتيريا الطاعون، "ألكسندر"، يا عزيزي، ابن المدرسة الفرنسية، واللي هينافسه الياباني "كيتاساتو شيباسبورو" |
|
اللي بينتمي لمدرسة "كوخ" الألمانية، مدرسة "الوقاية خير من العلاج". جهود "كوخ" وتلامذته خلال 30 سنة، من 1876 لـ1906، هتحول البشرية من ناس لسة شاكة في وجود الجراثيم، لاكتشاف البكتيريا المسببة لمعظم الأمراض البشرية، زي، يا عزيزي، ما حضرتك شايف قُدّامك في الصورة دي، دي، يا عزيزي، كل الأمراض اللي اكتشفها "كوخ" وتلاميذه. لو شايف إن أمراض "كوخ" دي قديمة، فخلّيني أقولّك إن مبادئ "باستور" حوالين تغيُّر حدة الميكروب وخصائصه، هتكون هي أساس دراسة الفيروسات |
|
الأجدد، زي الإيدز والسارس. "باستور" نفسه تنبأ في أوراقه إن البشرية هتواجه أمراض أصعب في المستقبل، لو المبدأ دا طلع صح، لأن بعض الميكروبات هتقدر تغيّر من خصائصها، وتنتقل من الحيوان للإنسان. "ياه يا (أبو حميد)! هو دا ممكن يحصل؟!" أنا هآخدك المرادي، أودّيك 2020. "خلاص، أنا فهمت يا (أبو حميد)!" لأ، لأ، تعالى، يلّا نروح 2020، يلّا. دا، يا عزيزي، كلنا شُفناه في الأوبئة الأجدد. "طب ما كدا يا (أبو حميد)، المنافسة فادت البشرية أهو." بصراحة، يا عزيزي، مش بالظبط، فيه آلاف ماتوا بسبب عداوة "كوخ" و"باستور"، خلّيني أقولّك، يا عزيزي، إن قبول |
|
لقاح السُعار، هيتأخر كتير في "ألمانيا"، ليه؟ لأن مخترعه "باستور". "ما بنعالجش بأدوية فرنساوي." كمان تقنيات الـPlate Technique، هيتأخر برضه قبولها في "فرنسا"، لأن مخترعها هو "كوخ"، "ما بنتعلمش على أطباق ألمانية." كل بلد هتتأخر لأنها بترفض إنجازات الخصم بتاعها، كمان، حكومة "ألمانيا" هتضغط على "كوخ" بعد تطوير "باستور" للقاح الـRabies، عشان يعلن عن اكتشاف دوا للسُل، "ما بنقولّك إيه، مش هتفضل طول عمرك تكتشفلنا في أمراض وبس! تروح تعمل بحث، وتقولّي فيه مرض فلاني، خدوا بالكم منه، الوقاية |
|
خير من العلاج. مش هينفع الشغل دا، احنا عايزين نعالج الناس!" "كوخ"، يا عزيزي، على عكس عادته في التأكد من نتايجه، هيعلن عن دوا للسُل، ملايين، يا عزيزي، هيجروا بأمل ناحية "برلين"، لكن الدوا هيكون فاشل، ونتايجه هتطلع كارثية! لأن ما تمش اختباره بتأني. كتير، يا عزيزي، من الإنجازات اللي بتتمتع بيها البشرية، خلقتها عداوة، سلسلة من العداوات الشهيرة، عندك مثلًا، "إديسون" و"تسلا"، "نيوتن" و"روبرت هوك"، إلا إن المثير في "كوخ" و"باستور" إنها ما كانتش عداوة لشخصين، كانت عداوة بين بلدين، عداوة صنعتها |
|
حرب بدأت بخطأ لغوي. في حلقتنا عن "بيسمارك"، اتكلمنا عن الـEms Dispatch، البرقية اللي غيّر فيها "بيسمارك" صياغة كلمة واحدة عشان تتحول لإهانة ديبلوماسية تجبر "فرنسا" إنها تحارب "ألمانيا". المثير، يا عزيزي، إن على حسب دراسة سنة 2007، كجزء من عداوة "كوخ" و"باستور" برضه، سببها أخطاء لغوية، أو إن ببساطة، الاتنين ما بيتكلموش نفس اللغة، ودا السبب اللي خلّى كتير من الناس مقتنعين إن "كوخ" مثلًا ما ذكرش أبحاث "باستور" لمّا اكتشف الجمرة، لأن ببساطة، الراجل ما بيقراش فرنساوي. وبينما مؤتمر "لندن" |
|
مثلًا كان أول لقاء للرجُلين، اللي "باستور" قدِر فيه بصعوبة إنه يتجاوز كبرياءه ويشكر في أبحاث العزل بتاعة "كوخ"، فاللغة وقفت سد بينهم، وقفت حاجز منيع قُدّام إن الود دا يتطور. وعلى حسب الدراسة، فأثناء استماع "كوخ" لـ"باستور" في مؤتمر "جنيف"، "باستور" هيقول: Recueil Allemand، معناها، "الأعمال المجمّعة لـ(كوخ)"، بينما البروفيسور "لودويج ليختايم" اللي كان قاعد بيترجم من الفرنسية لـ"كوخ" بشكل فوري، هيترجمها: Oregeuil Allemand، بمعنى: "الغطرسة الألمانية"، ودا هيخلّي "كوخ" عنيف وحاقد على "باستور"! المثير |
|
يا عزيزي، إن 2 من أعظم العقول البشرية قدروا يشوفوا ويحاربوا مخلوقات لا يُمكن تشوفها إلا بالميكروسكوب، واتوحدوا على وجود ميكروبات أنكر العلم وجودها، العلم اللي سبقهم، فرّقتهم حاجات زي الخلافات السياسية والحواجز اللغوية، حاجات أسهل بكتير في رؤية خطرها وعورها من غير ميكروسكوب. بعد أكتر من قرن من منافسة "كوخ" و"باستور"، لمّا تضرب الكورونا العالم هيتحول سباق اللقاح لمنافسة بين الدول للوصول للمجد السياسي، وزي ما دا كان دافع عشان نلاقي Vaccine أسرع، كان أحيانًا أداة مخفية |
|
مثلًا، "المفوضية الأوروبية" لمّا أعلنت في يناير 2021 آليات للتحكم في صادرات اللقاح، اللي كانت معمولة في "الاتحاد الأوروبي"، دا خلق توترات إقليمية كبيرة. على حسب كلام "ريكا هاريس" أستاذة القوميات في جامعة "ليفربول"، الدولة بتدّينا إحساس بالانتماء والحماية، ولكن الفيروسات ما بتعترفش بالدول، فيروس الكورونا مش محتاج ياخد Visa علشان يخش "أمريكا"! "باستور" و"كوخ" هيفضلوا رموز محلية لدولهم، زي ما هما اتمنوا، ولكن مع الزمن، ملايين الألمان هينقذهم علم "باستور"، وملايين الفرنسيين هينقذهم علم "كوخ"، ودا هيخلّدهم في الآخر |
|
في تراث الطب الإنساني، العابر للحدود والقارات. والحقيقة إن دي نهاية أعظم بكتير من حربهم الضيّقة، بس كدا، يا عزيزي. أخيرًا، وليس آخرًا، ما تنساش تشوف الحلقات اللي فاتت، تشوف الحلقات الجاية، تنزل تبص على المصادر، ولو احنا على الـ"يوتيوب"، نشترك على القناة. انت عارف، يا عزيزي، الميكروبات لمّا تحب تسافر، بتعمل إيه؟ - "إيه يا (أبو حميد)؟" - بتروح الجوازات، وتطلّع الـ"باستور"! رديء! |
README.md exists but content is empty.
- Downloads last month
- 12